
(العقلُ الباطن) هو مُصطلحٌ أُطلِقَ مِن قِبَل الفيلسوف فريدريك شيلنغ في القرنِ الثامن عشر وهو تركيبٌ من أحد تراكيب الدماغ أي أنَّهُ ليس ميتافيزيقيا، وهو عبارة عن العمليات العقلية المُعقّدة اللاواعية التي لا يدّ للعقلِ الواعي فيها ويُعدّ مستودعًا لمشاعر الإنسان والتي يكون معظمها مُزعجٌ بالنسبةِ للإنسان لذا فهو مصدر للسلوك الإنسانيّ بل ومخزنًا أيضًا لكلِّ ما يمُر إلى العقلِ، وكما يقول سيجموند فرويد -مؤسِّس التحليل النفسي-: “العمليات اللاواعية قد تؤثر في سلوكِ الأفرادِ”.
فرويد اعتقد أن الأحداث التي كانت مزعجة أو مؤذية بالنسبة لمرضاه تقوم الدماغ بآلياتِها الدفاعية تخزينها في العقلِ الباطن ومن تلك الآليات: (الكبت)، وأشار فرويد إلى أنَّنا يُمكِنُنا الكشف عن تلك الآلياتِ باستخدام التحليل النفسي، حينها يُمكِنُنا جعل العقلُ اللاواعي واعيًا!
كما قام الغزالي بتعريفِ العقلِ الباطن على أنَّهُ لطيفة ربانية لها تعلُّق بالقلبِ الجسماني وهي حقيقة الإنسان ولها علاقة بجارحة القلبِ وقد تحيّرت أكثؤ العقول في إدراك وجه هذه العلاقة.
العقلُ الباطن هو نظامٌ شديد التعقيد وله خصائصه:
- تتواجد به أفكارٌ منطقية وغير منطقية!
- نظامٌ مُعقَّد يعمل وفقًا للقوانين لذا يتّسم بالتنظيم بل وبأعلى مستويات التنظيم.
- أفكاره ليست مؤكدة مقارنةً بالعقل الواعي.
للعقلِ الباطِن تأثيرٌ قويّ على الإنسان فهو يُعدّ مخزنًا لغرائز الإنسان، ويُقالُ أنَّهُ يُشبِه الضمير إلى حدٍّ كبير!
الأفكارُ التي يقوم العقلُ الباطن بعرضِها على العقلِ البشري قد تؤدي إلى العديد من المشاكل والاضطرابات والجدير بالذِكر أن أبرزها:( مشاكل واضطرابات نفسية، غضب، سلوكيات وسواسية،… إلخ) وقد يكشف العقل الباطن عن نفسه بعدّة طرق مثل الأحلام.
أكّد المؤلف جوزيف ميرفي على قوةِ العقلِ الباطن في العلاج الجسدي في كتابِه ” قوَّة العقلُ الباطن”، حيثُ أن العقل الباطن يُسيطر على كافّة الأعضاء الحيوية بالجسم، أي أن تفسير سرعة نبضات قلبك أو ضيق تنفُّسك عندما تشعر بالقلقِ أو الخوفِ هو تحكُّم العقل الباطن بأعضائك الحيوية في ذلك الوقت، ومثلما للعقلِ الباطن تأثيرٌ سلبيّ فله أيضًا تأثيرٌ إيجابيّ حيثُ أنَّهُ يستطيع شفاءَ الجسَدِ من المرضِ فقط إذا أُوهِمَ أن الجسد بخيرٍ، والدليلُ على ذلك أن المؤلف ميرفي كان يُعاني من ورمٍ جلديّ دام لأربعين عامًا ولم يستطع الأطباء معالجته طوال الأربعين عامًا!
قام ميرفي باستخدام العقل الباطن وأوهمَهُ أنَّه سليم وليس به مرض وبالفعل بعد ثلاثةِ أشهر اختفى الورم!
يملُك العقلُ الباطن الجزء الأكبر من التفكير، حيثُ ما يعيهِ البشريّ جزءًا صغيرًا جدًّا ويُمكِنُنا تمثيلِ فِكرِ الإنسانِ بالجبل حيثُ خُمس الجبل هو الظاهرُ للأعيُنِ وأربعة أخماسه مغموسٌ أسفل الأرضِ فلا نعيهِ ونُدرِكُه، كذلك عقلُ المرءِ جزءًا صغيرًا نُدرِكَهُ ونعيه وهو العقلُ الواعي وجزءًا كبيرًا لا نعيه ولا نُدرِكَه وهو العقلُ اللاواعي (العقلُ الباطن).
إذُا كيف يُمكِنُنا استخدام هذا الكمُ من الذكاءِ وبرمجته لصالِحنا؟
استخدام التكرار وليس المنطق، نعم فهذه الطريقة التي يتعلّم العقلُ الباطن من خلالِها وبهذه الطريقة يُمكِنُك استخدام عقلك اللاوعي لصالِحك حيثُ أنَّ قرارات عقلك اللاواعي تعتمد على حياتك السابقة بتجاربها وحياتك الحالية بتجاربها أي أنَّهُ خليطٌ من ما كنت عليه وما تكون عليه وما تريد أن تكون عليه وأيضًا يقوم العقل الباطن باستخدام استماعه إلى التعليمات التي تُلقِّنُها لنفسِك من خلال حوارك مع ذاتِك أو من خلال الأفكار التي تُفكِّر فيها، لذا قُم بالتفكيرِ فيما تُريده أنت وقُم بالتفكيرِ بشكلٍ إيجابيّ لتجعل عقلك الباطن يستَمِعُ إليك أنت وليس أنت من يستمع إليه وهكذا تستطيعُ برمجته لصالحك.