ابداعات

“جزيرة سُقطرى”

✍️سامية مصطفى عبدالفتاح

“مقال تاريخي”

-عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة..
لعلكم خلال رحلتكم في مُحيط الكتب والروايات التقيتم بالعديدِ من الأماكنِ وبالتأكيدِ سافرتم عبرَ القارات وأبحرتم في الكثيرِ من الحضارات، واستوقفتكم بعض الأماكن التي تجهلونها أو مُدّن عتيقة وأخذكم الاستفهام حول كينونتها؛ لذا سأقُص عليكم بعضٍ من أثريات قد قابلتكم خلال رحلتكم.

-سقطرى هي أرخبيل يمني مكون من ست جزر على المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الأفريقي بالقرب من خليج عدن، وتقع على بعد حوالي 240 كيلومترًا (150 ميل) شرق سواحل الصومال و 380 كيلومترًا (240 ميلًا) جنوب شبه الجزيرة العربية.

-وترجع شهرتها وأهميتها التاريخية إلى بداية العصر الحجري وازدهار تجارة السلع المقدسة، ونشاط الطريق التجاري القديم -طريق اللبان-، حيث اشتهرت سُقطرى بإنتاج الند وهو صنف من أصناف البخور، وبإنتاج “الصبر السُقطري” كأجود أنواع الصبر وزادت أهميتها وتردد ذكرها إلى شعوب حضارات العالم القديم التي كانت تنظر إلى السلع المقدسة نظرة تقديس البخور والمر والصبر واللبان ومختلف الطيب، وكانوا يسمون الأرض التي تنتج هذه السلع الأرض المقدسة ولهذا سميت جزيرة سقطرى عند قدماء اليونان والرومان بجزيرة السعادة.

-من أقدم الآثار التي عثر عليها في سُقطرى هو موقع قديم يقع بالقرب من قرية راكف شرق الجزيرة يرجح أنّ يكون بقايا مشغل لصنع الأدوات الحجرية من أحجار الصوان (العصر الحجري) وذلك حسب مصادر البعثة الروسية اليمنية التي عملت بالجزيرة إذ تغطي فيها اللقى الأثرية مساحة تقدر بـ 1600 متر مربع، كما عثر في القرية على مجموعة من المدافن بها هياكل وجماجم وعظام وكذلك بقايا سكاكين حديد ودبوس برونزي وإناء كروي من الفخار الأحمر، ويرجح أنَّ تاريخ تلك المدافن يعود للنصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد.

-وفي منطقة أريوش عُثر على مخربشات ورسوم صخرية لم يُحدد تاريخها لكنها شبيهة بالنقوش اليمنية القديمة وكذلك النقوش والرسوم التي عثر عليها في الجزيرة العربية من صور سحرية ومناظر للإنسان والحيوان، أما اللقى الأثرية التي عثر عليها في وادي حجرة فتدل على قطع من أواني فخارية مستوردة يعود تاريخها إلى القرن الثاني حتى القرن السادس للميلاد.

-مع إنه من غير المعروف بالضبط متى استوطن الإنسان أرخبيل سُقطرى، إلا إنَّ عالم الآثار الكسندر سيدروف مدير متحف الشعوب الحضارية في روسيا ورئيس البعث الأثري الروسية في سقطرى يقول إنه قد تم العثور على موقع يعود إلى العصور الحجرية أي إلى ما قبل مليون ونصف المليون سنة، الأمر الذي يؤكد أن الإنسان القديم سكن هذه المنطقة المهمة من العالم وقد تكون الجزيرة متلاصقة مع القارات الأخرى، مضيفًا بأنّ ديانة سكان الجزيرة قديمًا كانت كديانة سكان حضرموت الذين كانوا يعبدون الإله سين “ذو عليم” في العالم القديم.

-ونجد العديد من المؤرخين قد أشار إلى الجزيرة وخاصة المؤرخين الرومان والإغريق، وبعض المؤرخين والجغرافيين العرب.

-يُشكل أرخبيل سُقطرى نظامًا أيكولوجيًا بحريًا مستقلًا، حيث أنَّ الجزيرة من أهم أربع جزر في العالم من ناحية التنوع الحيوي النباتي وتعتبر موطنًا لآلاف النباتات والحيوانات والطيور المستوطنة، وأهم موطن لأشجار اللبان المشهورة في العصور القديمة، حيث يوجد في الجزيرة تسعة أنواع من أشجار اللبان من أصل 25 نوع في العالم.

-سُجل في الجزيرة حوالي (850) نوعًا من النباتات منها حوالي 270 نوعًا مستوطنة في الجزيرة، ولا توجد في أي مكان آخر من العالم، من بين الأنواع الهامة والقيمة شجرة دم الأخوين وفي الجزيرة عشرة أنواع من النباتات النادرة والمهددة من أصل 18 نوع في العالم.

-يعتبر الجزء الشمالي الغربي من خليج عدن والمنطقة المحيطة بأرخبيل سُقطرى من بين أكثر المناطق البحرية إنتاجية في العالم وتقارن في إنتاجيتها سواحل البيرو وغرب أفريقيا.

-تؤوي الجزيرة أنواعًا هامة من العصافير على المستوى العالمي (291) نوعًا، يتوالد 44 منها في الجزر، فيما يهاجر 58 منها بانتظام)، ومن بينها بعض الأنواع المهددة بالانقراض.

-وتتميز الحياة البحرية في سُقطرى بتنوع كبير، مع تواجد 352 نوعًا من المرجان الباني للشعب، و730 نوعًا من الأسماك الساحلية، و300 نوع من السراطين والكركند والإربيان.

-يتحدث السكان الأصليين في أرخبيل سُقطرى، شاملة جزيرة عبد الكوري، وسمحة، باللغة السقطرية، وهي واحدة من اللغات العربية الجنوبية الحديثة.

-متحدثي السُقطرية متواجدون في سُقطرى، والأراضي اليمن، وهي لغة حِمْيَرِيَّة قديمة، وتعتبر هذه اللغة عبر التاريخ منعزلة عن الأراضي العربية، تنطق العربية أيضًا في سُقطرى على شكل لهجة.

-ها هي إحدى آثارِ الكتب، صدقت مقولة: “الكتب هي الآثار الباقية”، والآثار لا تنتهي.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!