مسرح

“العنف الأسري”.. قضيه يناقشها العرض المسرحي “استدعاء ولي أمر”

يعتبر المؤلف هو مرآة الثقافة في المجتمع، وكلما كان على درجة عالية من الثقافة والعلم كلما استطاع صياغة مشكلة تواجه المجتمع في فكرة عرض سينمائي او مسرحي، وكلما ارتقت الأعمال بالمشكلات التي تقوم بمعالجتها كلما كان التأثير على المجتمع اكثر ايجابية. 

ولكي يتم صياغة فكرة بشكل ابداعي بحيث تصل للجمهور بشكل بسيط وسلس ومفهوم، يجب ان يكون مخرج العرض على درجة كافية من الذكاء ليستطيع انجاز ذلك الدور الذي يعتبر الدعامة الأولى لأي عرض مسرحي.

في العرض المسرحي “استدعاء ولي أمر” قام كلًا من المخرج زياد هاني والمؤلف محمد السوري بانتاج تلك التوليفة، والتي بدورها ساعدت على توجيه العرض في ايصال رسالته بشكل في غاية الروعة والإبداع.

عرض “استدعاء ولي أمر” يتحدث عن العنف الأسري وأثره على الفرد، وحتى المجتمع، بسيناريو مليء بالحوارات والمونولوجات التي تخدم الرسالة التي يرغب العرض في ايصالها للمشاهد.

حيث يستقبل “يحيى” الذي يعاني في بيته من العنف الأسري “استدعاء ولي أمر” في مدرسته، فلا يستطيع أن يواجه والده به بسبب اهانته وضربه له باستمرار ناهيك عن صوته العالي دائمًا في البيت، فلا يجد وسيله للتناقش باسلوب متحضر معه.

مصطفى السعيد – والد يحيى بالمسرحية

فيضطر للجوء إلى طرق أخرى للتعامل مع الموقف قد تصل إلى القتل، تاركًا اخته التي تعاني من نفس المشكلة معه، بسبب تطبعه بسلوك والده في تعامله معها، تواجه المجتمع وحدها دون أي محاولة منه لمساعدتها.

بتول عماد – اخت يحيى بالمسرحية

ويدخل سجنه الخاص بسبب جريمته، فيقابل دكتوره تحاول بكافة الطرق على مساعدته على تخطي تلك المحنة والتأقلم معها.

نانسي نبيل – الدكتورة النفسية المعالجة ليحيى

وبالرغم من أن العرض يبدو درامي بحت إلا انه لم يخلو من بعض “الإيفيهات” الكوميديه التي تضيف على العرض طابع خفيف على المتلقى، فلا يصبح دائمًا في حالة توتر عصبي، ولا ينقلب به العرض لمحتوى كوميدي مبتزل.

حضور طاغي لأبطال مسرحية “استدعاء ولي أمر” على مسرح “الهناجر” بالأوبرا

كما أن الأداء الحركي للممثلين ممزوج بمؤثرات بصرية وموسيقية متناسقة مع المشهد الذي يتم تأديته، ويساعد على لفت الانتباه بشكل كبير، بحيث لا يعطيك الفرصة للانشغال بشيء آخر قد يضيع عليك جزء هام في المسرحية.

ولا يمكننا ان ننكر أن تجهيز المسرح ساعد بشكل كبير على تسكين الشخصيات، والديكور والاضاءة كان عليهم عامل كبير جدا في الاداء المسرحي، وفي رأيي الشخصي قد حققت تلك العناصر متكاملة تطورًا ملحوظًا في العرض عن بقية العروض الأخرى، خصوصا في استغلال خشبة المسرح لعرض أكثر من مشهد في آن واحد.

ناهيك عن التركيز على التفاصيل التي اعطت للعرض طابع المصداقية، كالقمامة التي كانت ملقاه تحت كرسي الشحات في محطة الأتوبيس، وملابس الشخصيات التي كانت منتقاه بعناية لتعكس طبيعة الشخصية التي يتم تجسيدها.

ادهم هاني – الشحات الذي يقابله يحيى بمحطة الأتوبيس

عرض “استدعاء ولي أمر” يعتبر من أفضل العروض التي قد تشاهدها في انتعاشة المسرح التي يعيشها المسرح المصري الآن، ويحتوي على العديد من الأفكار الفلسفية التي تهم المجتمع، وقد تسمع فيه أفكار ربما لأول مرة تفكر فيها بهذا الشكل، كفلسفة “الكتكوت” والتي تقول “كيف وبأي قلب يمكنني تربية حيوان كـالكتكوت طول حياتي لقتله وأكله في النهاية” 

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!