خواطر

وعود الشتاء

✍️هاجر متولي

وها قد أتت همسات الخريف الناعمة_ الخفيفة على القلب _ يُعيدنا تدريجيًا إلى الحياة مرة أُخرى، وكأننا نولد بهما من جديد، فيأتينا الخريف بنسمة الهواء المنعشة ليخبرنا أننا مازلنا نستطيع التنفس بعد السقوط دائمًا.

وكأن الخريف يُجهزنا شيئًا فشيئًا للشتاء وللمطر، للبرد وللمشروبات الدافئة مقدمات ناعمة لفصل الشتاء فهو دائمًا يحملُ بين أوراقه الكثير من اللطف والحنين.

وها قد عادت طقوس الشتاء بكامل أناقتها _ الهدوء الذي يعُم جميع الطرقات والمنازل، وكوب الحليب المُمتزج بالقهوة الداكنة الناعمة، والمعطف الذي يلازمنا في كل وقت ومكان، وبعض من الحطب لدفئ المكان، ولضبط معدل الانسجام.

في داخلي لحن شجي، أغنية عن شهر ديسمبر، شعورٌ خفي لا تغيره الأيام، وعهد بيني و بين ليل ديسمبر لا أنساه، وزفاف قلبي الذي كان في يوم من الأيام، ودموع عيني التي طبعت بصمات في المكان.

في أنتظار ليالي ” ديسمبر ” الباردة، لتعيد لي ما سُلب مني مع تلك الأيام، لتُعيدني برودة الشتاء لذكرى ديسمبر، وأنا في أنتظارها بشغف وبكل حب ولهفة.

صباحُ الشتاء، صباحٌ يُشبه أبتسامات المارة ورائحة الورد _ كترانيم عصفورتين تعزفُ لحنًا وترسله للسماء_ صباح كوجوه أمهاتنا حين يتحدثون معنا دون كلمات.

صباحٌ يعلن الحب بتلك النسمات الباردة لينعشنا، ويُفضي علينا بالكثير من الحنان برائحة الورد ليدفئنا، ونتسأل أين كان قبل هذا، وكيف تغيّر ولما قرر الاعلان؟ ولا نجد إجابات سوى أنه أراد لنا جرعة حياة، فقرر أن يُعلن ما بداخله تجاهنا بتلك النسمات.

كل شيء يتجمد في الشتاء، إلا العطر والحنين والذكريات _ الشتاء بارد علي من لا يملكون الذكريات الدافئة_ والحنين واجب لطقوس الشتاء، والامطار تعلن عن ما في داخلنا من كلمات، والاكواب الدافئة ما كانت إلا لتخفي برودة أرواح تهلك مع حنين الشتاء، ويبقى بين الشك واليقين احتمال، ويبقى بين القلق والطمأنينة ارتباك، ويبقى بين الشتاء والربيع بعض الصقيع، ويبقى الحب والكراهية خيط رفيع، فدائمًا بين شيء وشيء يبقى أثر يربك الوجدان.

الشتاء شدة، والخريف منام، والصيف ضيفٌ، والربيع هو العام.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by HAVEN Magazine
error: Content is protected !!