كتب: أحمد خميس أحمد
أنا هنا.. حيث الشوارع الفارغة، حين تتعطر برائحة هطول المطر، وحيث سلاسل أنوار القمر تتسلل من بين تصدعات الغيم بعد الهطول، أنا حين تتبعثر الذكريات، وتعجز كل لغات الناس عن التعبير، وعندما يهدأ الكون من بعد صخب، وعندما تترقرق النسائم في الليل.
علىٰ هامش العَبْرَة – التي تأبىٰ النزول – يتهيأ ماضٍ رحل ولم يتبقَ منه سوىٰ الحنين، مازال يناجي الضمائر حتىٰ لا يقبره تواتر الأيام، تتصارع الأماني الصغيرة باحثةً عن تلك الفرصة لتغدو واقعاً يُعاش، وتتصادم مع ذ ٰلك الواقع الفعلي الذي يأبىٰ أن تنكسر نواميسه.
وفي غمرات التيه، تتلاطم أمواج من الحمم المتقدة، تبعث في الصدور مزيجاً من الرهبة والخوف والإندهاش لما قد يأتي في مستقبل مبهمة ملامحه.. نتسابق مع أحلامنا وننساق وراءها إلىٰ مهاوٍ قد تصرع زائرها، وقد تكون هي الواحة في وسط الصحراء، يهرول إليها التائهون.
بينما تتبوأ الضباع عرش الغابة، تنهمك النمور في مسابقة الفرائس، الراحة والدعة للضعفاء، من يترضون بالفتات ولا يسعون نحو المجهول، المجد لأولـٰئك الذين لا يريدون الخوف، ولا يدركهم الكلل، ومن ماتوا وهم في سباقهم وإن كان سباقاً بلا نهاية .
