قصص

أنامل علي الرق

بقلم | الدكتور كرم علام

لأكثر من نصف ساعة تابعت عيناها الأصابع الطويلة القمحية ذات الشعيرات الباهتة وهي تدق على آلة الرق .. لم تتخلى عيناها عن تلك المتابعة إلا لحظات خاطفة تقتنص فيها نظرة إلى وجه صاحب الأصابع ثم تعود سريعا إلى متابعة دقاتها على جلد الرق المشدود وارتعاشات الصنوج.

لم تكن تتصور أن تتآلف ذائقتها شديدة الأرستقراطية مع آلة موسيقية مفعمة بالشعبية كالرق لكن هذا ما حدث .. استجابت للدعوة وحضرت الحفلة دفعا للملل لكنها لم تتصور أن تتحول ليلتها إلى مغامرة مفعمة بالبهجة بسبب تلك الآلة الموسيقية الصغيرة التى مازالت رغم دخولها الأوركسترا الحديث تعبر بشكل أساسي عن الفلكلور والروح الشعبية.
لم تكن تؤمن بإمكانية نجاح فكرة الإمتزاج بين عناصر من بيئات مختلفة حتى رأت ذلك الحضور المميز للرق في الأوركسترا الحديثة ونجاحه دون غيره في الاستحواذ على روحها.
لم ينل وجه العازف من اهتمامها إلا لحظات تسد الفضول لكنها افترست أصابعه وآلته الموسيقية بنهم شديد وجوع ضاري.

انتهت الفقرة الموسيقية ولم يرتوي ظمأها وطاردها سؤال عن سر جمال العزف هل هو الآلة أم روح العازف وأنامله؟ وهل يقدر لها في المستقبل مثل تلك المتعة اذا استمعت إلى عزف على الرق من أنامل أخرى؟ وهل ينبغي عليها أن تهتم أكثر بالبحث عن تفاصيل العازف وتقتفي آثار عزفه؟

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!