للاسف الشديد انا لست ممن يتابعون المسلسلات كلها في أوقات عرضها ومن المستحيل ان يقوم اي شخص بالقيام بذلك لكثرة عددهم من ناحية وضعف المحتوى من ناحية أخرى .. ولكني احاول علي قدر الامكان التركيز في التفاصيل الخاصة بأي عمل فني حتى لو كان ليس على القدر الكافي من القوة.
بدأت منذ أيام قليلة في مشاهدة مسلسل “حدوتة مرة” وقد فاق هذا العمل الفني كل توقعاتي من حيث الأداء والديكور وأداء فريق العمل الا ان الفكرة قد عابها بعض المشاكل التي اراها من وجهة نظري المتواضعة خطأ فني .. فعادة ما يجب أن يعبر المسلسل بتأثيره على المشاهد عن الفكرة المرغوب فيها الا ان مسلسل “حدوتة مرة” قد عكست هذا الأمر تماماً.
من خلال كلمات اغنية التتر تستطيع أن تتنبأ أن الكاتب يهدف في فكرته إلى توصيل معلومة ان التربية لها عامل مهم جداً في بناء الشخصية وتوجيه المشاعر وان التعليم له دور كبير في إدارة الشخص لامور حياته بناءاً على ما تربى عليه، وبالتالي يكون نجاح الشخص من خلال دمج التربية والتعليم معاً إلا أن هذا ما لم ينطبق على أحداث المسلسل بتاتاً.
فعلي الرغم من ان “مرة” ابنه لام دجاله لم تربيها فضلاً عن كونها منعتها من أن تتعلم .. فهي استطاعت ان تصل لمستوى معيشة لا يستطيع الأفراد العاديين الحصول عليه الا لو لجأوا للأساليب التي استخدمتها في حياتها لتحصل على ذلك المستوى والتي بالمناسبة لا تتضمن التربية والتعليم.
فقد قامت مرة خلال فترة قصيرة جداً ببيع أولادها والذين هم زينة الحياة الدنيا، وقتلت زوجها، وكذبت علي كل من حولها، ووشت بمن استأمنتها على منزلها، وزورت اوراق جديده، ولذلك حصلت على ما أرادت من مال وحياة مستقرة .. الأمر الذي يجعلك ترغب في ان تكون مثلها حتى ولو اضطررت لاستخدام أساليبها بالاضافة الى ان الاحداث تجعلك تتعاطف معها طوال فترة مشاهدتك للمسلسل معتقداً انها ضحية فشل امها في تربيتها.
ايضاً من ناحية اخرى فان تلك النوعيه من الشخصيات لا تستطيع اكتساب حب كل من حولها بتلك السرعة .. كما أن المؤلف قد وقع في شرك تضارب الشخصية، فكيف لامرأة لم تتعود على الأصول في معاملاتها ان تقوم بمساعدة شخص ما دون أن تعرفه لفترة طويلة.
في النهاية سيلقي كل ذي حظ حظه، ولكن على الرغم من براعة العمل الفني وفكرته إلا أنها لم تصل الهدف المرغوب منها وبالتالي لم يصبح سوء التربية عقدة .. بل بالعكس أصبحت وسيلة للحصول علي كل ملذات الحياة.
