بقلم/هاجر متولي
لكلٍ منهما عالمهُ الخاص، ولكنهم يجتمعوا في جسد واحدٍ، ويكتملوا بأرتباطهم معًا، وينتهوا في آن واحد.
يبدأ الحب عندما ينتهي الحماس، فلهفة البدايات لم تكن يومًا حب، ولكن التعاملات هي أساس لتكوين جذوره فينا، فهو لا يُقاس بجمال المرأة وعذوبة الرجل، بل ينشأ فينا ويتخللنا دون أدنى استئذان.
ينشأ بما ترسخهُ بذرة الحب من أختلاف فيك لتتكيف مع هذا الكيان، فأننا لا نستطيع أن نجزم أننا في حالة حب بيوم أو شهر او بمحادثات؛ بل نتأكد أننا في حالة حب عندما نسعدُ لإرضائهم، ونلتمس لعيوبهم، ونتقبل لظلماتهم، ونخاف بعدهم ولو لساعات.
فحين يراودك تساؤل لما تكون بتلك الصورة فقط مع هذا الكيان؛ فأعلم أنك حينها قد تجاوزت مرحلة لهفة البدايات، وأنك في حالة حب مكتملة الأركان.
لكل منا طريقته في التعبير عن الحب، يؤثر الرجل بعذوبة وأنوثة المرأة، ويستهوي المرأة رونق وكبرياء الرجل _ يجذبه لها راحته معها، وأنها موطن الأمان، ويؤثرها أنه معها يتخلى عن قوته وحدته، ويكون لها موطن الأمان _ فلكل منهما رؤيته في تفسير وتقييم الأمور، ولكن تمسكهما برابط الحب يجعل بينهما حلقة تلاقي استثناء.
حتى في التعبير عن الحب لكل منهما كلماته، فلكل منهما كيانه، قد يكتب الرجل عن الحب كتابًا ولكنه يعجز أحيانًا وصف ما يشعر به، وينتظر كلمة من امرأته تهدأ مشاعر الحب هذه _ التي تخللت وجدانه _ ليطمئن.
ولعدم قدرته على الافصاح عما يشعر به تجاهها، فتجده دائمًا يكتفي بنظرة عينيه، فهي كفيلة بأن تعبر عن جميع الكلمات، وأن توحي بما يسكن بداخله من مشاعر، فما الحب إلا رابط بين القلوب، لا صورة لتلاقي الأيادي.
يبدأ الحب من العين، وينتهي منها _ يبدأ بلهفة، وينتهي بدمعة _ فلا يكبر بطول المدة بل بجمال المواقف حتى لو لحظات، فهو ليس حديث عنه، بل أنك تتصرف به _ أن تتقي الله فيمن تحب، وأن تذكر اسمه في دعائك دون أن يعلم _ وهو ليس انعزال عن العالم لأظفر بك، بل أن أتركك في وسط الزحام وأنا على يقين أن قلبك لي.
يأتي الحب مع الوقت، وحينها تجدُ نفسك خاضع له، دون وعي متى جاء وكيف تخللك؟ فنحن لا نختار لحظة الحب، فهو كالقدر _ يأتي بلحظة، بصدفة، بغمضة عين، بلا تبرير، وبلا منطق، وبلا موعد _ وهو الأجمل رغم عذابه، وهو الأصدق رغم أوجاعه، هو سر الحياة.
كما أنه يأتي مع الوقت، فإن الوقت يقف تمامًا في وجوده، ومع إدراكه لساحة الوقت فحينها يبدأ في الموت.
موتًا للوقت إن كان هناك حب، وموتًا الحب إن شعرنا بوجود الوقت، فالوقت رمز للانتباه، وإن انتبهنا بوجود الحب؛ فحينها يكون قد مات.
