ابداعات

ما قبل نهاية الألم

✍️ديانا حجاج

من الفتاة التي أقسمت ألا تُحب
إلى من جعلها تعشق الحب ذاتهُ:
أكتب لك بعد نهاية العالم، طلقات نارية تتطاير فوق رأسي وأنا لا أبالي، واقفة بقلبٍ ثابت وعينين متحجرتين لا يملؤها سوى نيران الاشتياق ولوعة الحنين والشوق إلى ضمة يديك لي.

أتذكر بأول لقاء لنا بعد خطابات دامت طويلًا، كنت ترتدي قميصًا باللون الذي أُحب وبنطالًا أسود، وساعة بنية، واقفًا بأحد شوارع الزمالك تبحث عني إنها أول اللقاءات!

رأيتُك على الرُغم من جهلي التام لملامح وجهك كان قلبي يدلني على طريقه «عينيك» هما طريقي صرت من دونهم تائهة، تقترب الخطوات خطوة تلو الأخرى وما زِلت تبحث عني لحين أن وقفت أمامك مبتسمة وتمُد يداك لي لكي تصافحها، لم أكن أعلم كيف لِلمسة حنونة منك أن تُشفي جرحًا عميقًا داخلي!

بضع كلمات تخرج من فمك قادرة على جعل جروحي تلتئم كأنك الداء والدواء في آنٍ واحد، تبتعد عني فيمرضَ قلبي، يأتيني خطاب منك فَيُشفى وتلتئم ندوبي، فبربك ألم أكن أستحق أن تبقى معي ولي؟!
ألم تقل عني «هي الوحيدة التي تمتلك سري» أنت هو سري الوحيد الذي لم أفصح لأحد به حتى وأنا على علمٍ تام أننا لن نجتمع سويًا سوى في منامي، تأتي لي تخبرني بِحُبك وتضم روحي داخل ذراعيك، يا له من عناق!

وبالمرة الأخرى أراك مع آخرون وأنت تبتسم وتتعالى أصوات ضحكاتك معاهم، ألم يكن هذا حقي؟!
أنا الأولى والأخيرة، امرأةٌ لا تُنسى ولو بلغت النساء من حولك جيوشًا فلن تستطيع نسياني، أنا من أضمد جروح قلبك، أشعر بالألم قبل أن تتألم به، أصبحتُ متيمة بتلك التفاصيل والذكريات الجميلة التي صنعناها سويًا، إحدى زيارتنا لقصر عائشة فهمي مثلما كنتُ أتمنى أن أنال هذا اللقاء معك وأنا أخبرك عن أوقات واحد وعشرين عناقًا متفرقًا أرسلتهم لي عينيك كُلما نظرت إليّ وهي تبتسم.
أين ذهب هذا؟
أصبحت غريبًا عنّي، لا تهتم لحديثي على الرُغم من مزاحك مع إحداهُن، تبًا إنها تقول لك عن مدى فخرها بك!

يا لها من عديمة حياء هي لا تعلم أنك ملكًا لي! أنا الأحق بك منهم، تاركة ذراعيّ لك؛ فَوالله لن تجد مثلهم يتسع لك في كل الأوقات.

أكتب لك وأنا أعلم أن خطابي ربما لن يصلك وربما يصلك ولا تهتم لأمره كصاحبتهِ تمامًا، من المؤسف أن فتاة عشرينية مثلي تركت نفسها لمشاعر تقودها حيث شاءت الأقدار وكانت النتيجة أنك لم تُبادلني الشعور وأحبني فُلان ولم أُبادلهُ الحياة تلك هي الدُنيا.

أظن بأن هذا العالم ليس منصفًا؛ لقد قُمت بخسارة قلب صادق، كان بِإمكانه أن يُعطيك كل ما تريده ولكنك ترى الجميع من حولك عداي، ربما لم أكن الشخص الأنسب لك ولكن لديّ قلب يحملك بداخله بكل حب ويحتضن جروحك ويطمئنك، من الممكن أنهم جعلوا منك شخصًا آخر، يضحك كثيرًا، يتناقش مع صديقاته بالعلن فهُن ليسوا خطيئات وربما إحداهن تقع بغرام نبرة صوتك مثلما وقعت بك، أنت تعلم أن عزيزتك ريما نادرًا ما تُحب سماع الأصوات ومع ذلك كان صوتك النغمة المفضلة لدي.

ربما يومًا ما تبحث عني في أعُينهم أو بين ثناياهم حينما أتركك بلا عودة ويتلاشى الأشخاص من حولك، أو ربما يقتربون أكثر فيأخذوا منك ما يريدون ويتركونك وحيدًا -وقتها فقط- ستتذكر عزيزتك ريما وتبحث عنها ولكن لن تجدها، لأنها ستكون موجودة داخلك، محفورة بين جفونك ولن تنساها.

«وُجد هذا الخطاب بجوار جُثة قُتلت برصاص الاحتلال».

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!