المماليك

لا تفتح هذا الباب الرؤية الأخيرة

✍️محمد على الأخرس

مائة عام مرت على كشف مقبرة الملك الصغير توت عنخ آمون . . . كم عانيت يا هوارد كارتر حتى تحصل على كشفك الأثرى الثمين الذى مازال صداه يتردد فى العالم حتى الآن .

عندما عاد هوارد كارتر إلى استراحته الخشبية وجد النيران تلتهمها وتأكل فيها بكل ما فيها: ملابسه وأدواته وأوراقه، إلتهمت النار كل شىء ولم تترك إلا كومة كبيرة من الرماد، بعد أن جاءت قوات الإطفاء وأخمدت الحريق، وقد أنهى على كل شىء وأصيب عدد كبير من العمال بسبب هذا الحريق.

إنتقل هوارد إلى الإقامة بأحد الفنادق المُطلة على نيل الأقصر مؤقتًا، وسهر ليله أرقًا من هول ما حدث، وأخذ يفكر حتى ما إن تذكر تلك العبارة التى وجدها مكتوبة أعلى باب مقبرة توت عنخ آمون:
«سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك».
ارتعدت فرائس هوارد كارتر و بدأت حالته النفسية تتردى ويدخل الشك إلى قلبه، ماذا كان سيحدث إذا كان موجودًا داخل الاستراحة وقت حريقها ؟! وتحوّل من فرحة اكتشافه لمقبرة ملك إلى هم وغم التحذير الذى كان مكتوبًا على قبر الملك الصغير.هل سيصاب كارتر و رفاقه بتلك اللعنة التى صُوبت تجاه مُزعج راحة الملك؟!، هل سيموت قريبًا هو ومن عمل معه؟!!

نستكمل باقى أسطورة دورثى أو الكاهنة ( بانتر شيت ) التى تزوجت من المصرى أمين عبد المجيد وأنجبت منه ابنها الأول الذى اسمته ( سيتى )، لذلك عُرفت فى الأوساط الشعبية المصرية باسم ( أم سيتى ) وقد دخل عليها زوجها أمين ذات يوم، وجدها جالسة على السرير و محدقة نظرها تجاه باب الشرفة وهى ثابتة لا تتحرك، ظن أنها ماتت، نادى عليها مرة ومرتين ومرات لكنها لم ترد ولم تتحرك من مكانها، أحضر دورقًا من المياه وسكبه عليها حتى أفاقت وكأن روحها قد فارقتها وعادت لها من جديد .

فاقت دورثى من غيبوبتها و سألها زوجها ماذا أصابها فأخبرته أن الكاهن الأعظم لمعبد أبيدوس زارها من العالم الآخر بأمر من الملك سيتى الأول وبلغها استياء الملك من زواجها وأنها لابد أن تعود للخدمة فى المعبد كما كانت من قبل وقرأ عليها بعضًا من التعاويذ وسلمها بردية صغيرة مكتوبة بالخط الهيروغليفى وعندما فتحت يديها وجدت بردية صغيرة موجودة داخل يدها بالفعل، ما إن رآها زوجها حتى أصابه الذهول والعجب، واخبرها أنه سيغادر مصر إلى دولة خليجية حيث حصل على عقد عمل بمبلغ كبير ، و أنه سيصطحبها وابنهما سيتى معه، رفضت دورثى رفضًا قاطعًا مغادرة مصر وطالبت زوجها بالعدول عن قراره، لكنه رفض هو الأخر رفضًا قاطعًا وأصر على رأيه، ونصحها بالابتعاد عن مصر فترة من الزمن حتى تتحسن نفسيتها وتفيق من أوهامها.

انزعجت دورثى من كلام زوجها أمين، لاحظت أن فى كلماته اتهامًا لها بالجنون، فطلبت منه الانفصال، بالفعل تم الانفصال و سافرت دورثى إلى القاهرة وأقامت بمنطقة ( نزلة السمان) بجوار الأهرامات والتحقت بوظيفة فى مصلحة الآثار المصرية وعملت مع كلًا من الدكتور/ أحمد فخرى عالم الآثار المصرى والدكتور/سليم حسن أحد جهابزة علم الآثار المصرى، وظلت تكافح بعملها واكتشافتها حتى توفيت دورثى عام ١٩٨٤م وانتهت بذلك قصة أسطورية لإنسانة تقمصت دور كاهنة فرعونية طوال عمرها ( بانترشيت/دورثى/أم سيتى )

جاء موعد دخول مقبرة الملك الصغير توت عنخ آمون وحضر حشد كبير من الحضور يتقدهم بالطبع هوارد كارتر، فُتِح القبر في التاسع والعشرين من فبراير 1922 م، اللورد كارنارفون، هو الداعم المالي لفريق التنقيب وقد كان حاضر أثناء فتح القبر، توفي في 5 أبريل 1923 م، بعد أن لدغته بعوضة فأصابته بالعدوى، توفي بعد فتح القبر بـ 4 أشهر و 7 أيام. توفي (George Jay Gould I) في الريفيرا الفرنسية يوم 16 مايو، 1923 م بعد أن أصابتة حمى بعد زيارته للقبر. توفي الأمير المصري علي كامل فهمي في 10 يوليو 1923 قتلًا بالرصاص من قِبل زوجته. العقيد المحترم أوبري هربرت، عضو في البرلمان، وهو أخ كارنارفون الغير شقيق، أصبح أعمى تمامًا وتوفي في الـ 26 من سبتمبر عام 1923 م، وذلك بسبب تسمم في الدم عن طريق عملية أسنان تهدف إلى استعادة بصره. ولف جويل، مليونير وزائر للقبر من جنوب أفريقيا، قُتِل بالرصاص في جوهانسبرغ بتاريخ 13 نوفمبر 1923 م، قتله المبتز بارون كورت فون ڨلتايم والذي كان اسمه الحقيقي كارل فريدريك موريتز كرتزي. توفي السير ارشيبالد دوجلاس ريد (Archibald Douglas-Reid)، وهو الطبيب الذي قام بعمل الأشعة السينية لـ مومياء توت عنخ أمون، في 15يناير ، 1924 م من مرض غامض، توفي السير لي ستاك (Lee Stack)، الحاكم العام للسودان، في 19 نوفمبر 1924 م، اغتيل أثناء القيادة في القاهرة.

آرثر كراتندن ميس (Arthur Cruttenden Mace – A. C. Mace), وهو عضو في فريق كارتر لتنقيب، توفي عام 1928 م بسبب تسمم الزرنيخ. المحترم ميرفين هربرت، وهو الأخ الغير شقيق لـ«كارنارفون» والاخ الشقيق لسابق ذكره «أوبري هربرت», توفي في 25 مايو 1929 م، حسب ماجاء في التقارير بسبب «ملاريا الالتهاب الرئوي». القائد المحترم ريتشارد بيثل (Richard Bethell)، السكرتير الشخصي لـ كارتر (Carter)، توفي في 15 نوفمبر 1929 م بعد العثور علية مخنوقًا في سريره. ريتشارد لتشرال بيلكنتون باثال، البارون الثالث لمدينة ويستبري، وهو والد الذي ورد ذكره بالأعلى، توفي في 20 فبراير 1930 م، يفترض أنه ألقى نفسه من الطابق السابع لشقته، فتح هوارد كارتر (Howard Carter) مقبرة في 16 فبراير 1923 م، وتوفي في وقت لاحق بعد أكثر من عقد في يوم 2 مارس، 1939 م ومع ذلك لا يزال البعض يوعز سبب وفاته إلى لعنة الفراعنة.

هل توجد بحق لعنة للفراعنة؟، إن نبش القبور وتعرية الموتى أمر مُحرم فى جميع الأديان السماوية، والطريقة البشعة التى يتم بها اختراق و نبش مقابر ملوك كانوا من عظماء الدنيا وقد أفضوا إلى ما عملوا لا تدل إلا على المهانة والذل لهؤلاء البشر وإن كان الباعث على نبش قبورهم هو البحث العلمى والتاريخى فلا يجوز جملة وتفصيلًا ما يحدث لمومياوات الملوك من عرض وتكّشف فى المتاحف و المعارض الأثرية و رؤية الزائرين لهم بهذه الطريقة المقيته.

إنها ليست لعنة الفراعنة يا سادة، بل لعنة الله على كل من نبش قبر إنسان وعرض جسده للمشاهدة، تقطعت مومياء توت عنخ آمون أثناء فحصها و نزع القناع الذهبى عنها من قِبل هوارد كارتر بل إن أحد ضلوعه قد تكسرت وانسلخ جسده عن عظمه، فلو افترضنا جدلًا أن المصريين القدماء لم يحنطوا جثث موتاهم لكانوا الآن ترابًا، بالإضافة إلى إهانة مومياوات الملوك، قد تمت كثير من عمليات سرقة المقابر الملكية ونقل محتوياتها للخارج وبعضها يتم تحت مرأى ومسمع من بعض المسئولين، لا بل ومشاركتهم الآثمة فى تهريب حضارة مصر والمصريين.
أوقفوا نبش المقابر و عرض المومياوات واتركوا ملوك مصر فى راحتهم الأبدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!