
✍🏻 إسراء طارق.
جميعنا نمُرّ بمواقف معينة، ونشعر حينها أنها حدثت من قبل، فمن منا لم يشعر بذلك؟!، فهذا شعور غريب وغير طبيعي بالنسبة لنا، فمثلًا عندما نزور مكان جديد، أو نرى شخصًا لأول مرة، ونشعر بالألفة تجاهه، أو نمرّ بموقف ونشعر أننا قد مررنا به من قبل ! ..لا تتعجبوا فهذه ما تسمى بظاهرة الديجا فو، أو سبق الرؤية.
ظاهرة الديجا فو: هي كلمة فرنسية، وتعني: لقد شوهد هذا من قبل، وأول من أطلق عليها هذا الاسم هو العالم الفرنسي إميل بواراك Émile Boirac في كتابه مستقبل علم النفس، وتعتبر هذه الظاهرة ظاهرة علمية ونفسية تحدث للإنسان، كما أنها تعتبر شائعة؛ نظراً لحدوثها للكثير من الأشخاص، كما أكدت بعض الدراسات أنها تكثر في فترة الشباب وتقل كلما زاد العمر .
وقد تختلف أنواع هذه الظاهرة من موقف لآخر فهناك:
-Déjà Pressenti: تم لمسه أو الإحساس به .
-Déjà Connu: تم معرفة هذا الشخص من قبل.
-Déjà Raconté: تم إخباري بهذا الخبر من قبل.
-Déjà Recontré: تم مصادفة الشيء من قبل.
-Déjà Parlé: أي قمت بالتكلم بهذا الكلام من قبل.
-Déjà Visité: أي تمت زيارة هذا المكان من قبل.
وهناك العديد من هذه الأنواع، وبالرغم من انتشارها وكثرة حدوثها، إلا أنّ إلي الآن يوجد اختلافات حول تفسير حدوث هذه الظاهرة، ومن هذه التفسيرات :
- نظرية عين ترى أسرع من عين:
وبما أن النظرية متعلقة بحاسة النظر، فكان مؤيدون هذه النظرية أن إحدى العينين ترى أسرع من الأخرى بفرق بسيط جدًا لا يكاد يذكر، فمثلًا عند زيارة مكان ما ولنفترض أن العين اليسرى ستقوم بإرسال تفاصيل المكان إلى الدماغ أولًا، وسيقوم الدماغ بتخزين هذه المعلومات، وبعد جزء من الثانية سترسل العين اليمنى، وبالطبع سيجد الدماغ أن هذه المعلومات موجودة لديه، فبالتالي سيبعث في النفس شعور كاذبًا بالألفة، وشعوره بأنه كان متواجدًا فيه من قبل .
ولكن هذا التفسير ينطبق فقط على حاسة البصر، ولم يفسرها بالنسبة لباقي الحواس وكان هذا رأي المعارضين للنظرية . - وهناك أيضاً نظرية الاضطراب النفسي والعقلي:
وتعتبر هذه النظرية من أقدم النظرية التي تفسر هذه الظاهرة؛ حيث كان يعتقد العلماء في السابق أن هذه الظاهرة مرتبطة بأمراض نفسية، مثل: الفصام، واضطراب الشخصية، ومَن يعانون من نوبات الصرع الخفيفة، أو أن هذه الظاهرة سببها تأثير بعض العقاقير على عمل الدماغ، ويقول العلماء: أن عقاري الأمانتادين، وفَنيلبروبانولامين المستخدمان لعلاج أعراض انفلونزا، هما السبب في ظاهرة الديجا فو؛ ويرجع ذلك لتأثير العقاريين على بعض خلايا الفص الصدغي في المخ، والتي يعتبره العلماء مكان حدوث الظاهره . - نظرية الذاكرة :
وتعتمد هذه النظرية في تفسيرها على أن الظاهرة
نتيجة معلومات كنا نعرفها، وتم نسيانها مع الوقت لسبب ما، فنتخيل أننا رأينا الموقف من قبل، وقد قال العلماء: أن بعض الأمور قد تختلط في عقولنا أحيانًا؛ لأننا قد نزور مكانًا لأول مرة، ويصادف أن هذا المكان يتشابه في شكله مع أماكن أخرى كنت قد زرتها من قبل، واحتفظ عقلك بتفاصيلها في الذاكرة،
وتنطبق أيضًا على الأشخاص، فمثلًا الأشخاص نراهم لأول مرة ذو ملامح شبيهة بملامح أشخاص نعرفهم، وأحيانًا نتخيل أنهم نفس الشخص.
-وقد فسرها الإسلام أيضًا:
حيث يعتقد البعض أن تفسير هذه الظاهرة يرجع إلى أن الإنسان قبل خلقه كانت الأرواح كلها في ما يسمى بعالم الذر، عرض فيه كل إنسان علي حياته بالكامل؛ ولهذا نرى أننا مررنا بهذه المواقف من قبل، ويعتقد أيضًا أن الإنسان يرى حياته بالكامل وهو في بطن أمه.
ولم يقف العلماء على هذا فهناك العديد من النظريات، ومن المفترض أن لكل نظرية مؤيدين ومعارضين، ومن أكثر النظريات التي عارضها أغلب الأديان هي نظرية تناسخ الأرواح:
وتنص هذه النظرية على أن الناس بعد موتهم يولدون مجددًا في اجسام جديدة، وروحهم تنتقل من جسم لآخر، وتستمر هذه الدورة إلى ما لا نهاية، حتى تصل الروح لمرحلة من السمو بأفعالها، وتتحرر من دورة التناسخ نهائيًا، وتنتقل لتعيش في الجنة.
ولم تقف التفسيرات هنا، فيوم بعد يوم تزداد النظريات، وإلى الآن لم يصل العلماء إلى التفسير الحقيقي لهذه الظاهرة، التي لطالما كانت تشغل عقل كل مَن مرّ بها.