✍️محمد الشحات”الباهو”
الدوار أصاب رأسي، أرى كل شيء أمامي كالضباب؛ إنه التفكير الزائد ومفعوله، جمعت أقلامي، وأوراقي الفارغة كمشاعر قلبي، ووضعتهم في حقيبتي الممزوجة بالتراب المتناثر عليها،بلا مبالاة نظفت التراب من عليها، أغلقت مصباح الغرفة؛ ليحل الظلام على أركانها كظلام قلبي وفتوره.
أحب التجوال ليلًا؛ هدوء الظلام يشعرني بالراحة، أختار بعناية الشوارع المهجورة؛ لكى لا أرى أثار أقدام فيها، ذلك الهدوء التام يجعل عقلي مزدحمًا بالأفكار.لا أعلم الطرق التي سرت فيها، ولا الوقت الذي مضى حتى أصل أمام مكان أثار فضولي بعض الشيء، شيزوفرنيا رُسمت بخطوط حمراء على جدران المكان، إنه كافيه مشهور طالما سمعت عنه، انطلقت ضحكة مكتومة مني، اسم مؤلم وكأن صاحبه اختاره؛ ليكن موضعًا احتواءً لمن أرهقتهم الحياة ومزقت أجسادهم بسهام القدر والنصيب.
أردت الدخول، ولكن جلوسي في مكان محدد يرهقني، أحب التجوال مرارًا وتكرارًا، ولكن لا بأس سأخوض التجربة، وجدت أقدامي تصحبني إلى الداخل، لقد كسا اللون الأسود على جدران المكان، موسيقى حزينة، بمجرد دخول المكان صوت خفى لا أعلم مصدره، “مرحبًا أيها المسافر، أمهموم، أم زاهد فيها؟”لا أحد بجانبي، أطلقت ابتسامة خفيفة، يبدو أن اسم المكان قد خالطني بلعنته وأصبحت أعاني من الهلاوس السمعية، أعادني إلى تركيزي؛ صوت احدهم قائلًا:”أهلًا بك سيدي، هل أستطيع أن أقدم لك شيئًا؟”_
شكرته بابتسامة خفيفة، كوبًا من القهوة بدون سكر مع زيادة تركيز القهوة، يجب أن أزيد نسبة الكافيين؛لزيادة تركيزي المنعدم، بعض دقائق وصلت القهوة، ارتشفت منها بضعة رشفاتٍ، أخرجت أوراقي، وبدأت أخطو بقلمي عباراتٍ كأن قلمي اختارها دون إرادتي.
“أستغرب الحب؛ يعجبني ويرهقني ويحزني، سحر قادر على إذابة القلوب، قادر أن يضىء وجهك، يزيل الدموع من عينيك، قادر أن يجعلك تائهًا شاردًا، أو يجعلك كطفلًا منتظرًا الحلوى من محبوبته.” وأي حلوى أكثر مذاقًا من نظرة عينيها، حلاوة صوت كلماتها!
