ابداعاتخواطر

رياح الوحدة

✍️آلاء محمود الدكر

ينقضي الوقت ببطء، تتسلل الدقيقة نحو الأخرى بحذر، يغتال الملل هيبة الصمت الغارقة فيه، وتُهاجم أصوات الرياح برودة السكون الذي يُخيم على البيت، تتلاطم الأشجار من شدتها، أقف خلف النافذة أُتابع ذاك المشهد الصارخ، لا يبعث في النفس الإرتياح، بل يبُث الذُعر في كل فينةٍ بوتيرةٍ أشد.

تكالب عليَّ كل ما أخشاهُ دفعةٍ واحدة؛ الوحدة، الصمت، الذُعر، كافيين لأختبئ في فراشي لبقية اليوم، لكن مازال صوت الرياح وهي تُدوي في أرجاء المنزل الفارغ أكثرهم رُعبًا، الأمر أشبه ببيت أشباحٍ مهجور، ويزداد الأمر سوءًا بانقطاع التيار الكهربائي.

أهبط إلى الطابق السُفلي، أُعد كوبًا من الشاي، أحاول تشتيت أفكاري، أوقد المدفأة التي تعمل على اسطوانة الغاز وأجلس بالقرب منها، ظنًا مني بأن الأمر سيصبح أقل خوفًا، لكن الأصوات المنبعثة من الطابق العلوي صداها هنا أكثر ذعرًا.

ألملم أمان نفسي، ويشرد ذهني في موقعٍ أكثر ألمًا، أن يختبرك الزمن للمرة الثانية، ويضع مشاعرك مكبلة على قضبان السكة الحديدية، وتقف على الجانب الآخر خاويًا من كل شيء، وتنظر لها وهي تتفتت إلى أشلاء مرة أخرى، صدعٌ في القلب يشقه لنصفين لن يلتئما أبدًا، تلك هي رياح الوحدة العاصفة، وهي أبشع ما يمر على قلب بشر.

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!