ابداعاتخواطر

السمراء الجميلة

✍️ الشيماء أحمد عبد اللاه

بالأمس كنت أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، وبالأخص (الانستجرام)، وجدت بعض المقاطع المسلية، والمضحكة، ولكن ما أثار انتباهي هو: مقطعٌ قصير لا يتعدى الثلاثين ثانية، المقطع بلا كلام، ولا حتى بعض الموسيقى الصاخبة عليه، كان يحتوى على دموع فقط، ووجع يظهر في عيني صاحبة المقطع.

كل الذي حاولت فعله في هذا المقطع، هو التغيير من شكلها؛ لأنها سمراء، وأظن أنها إفريقية المنشأ، بدأت بالإمساك بأحد مستحضرات التجميل، والتي بدورها تساعد في تغيير الشكل؛ ليصبح أكثر جمالًا، وما إن بدأت في وضع هذه المادة التجميلية على وجهها، انهمرت الدموع من عينيها، حتى أن المادة التجميلية وقعت من يديها.

تحكي فتقول: دائمًا يصفوني بالسمراء القبيحة، في العمل، أثناء أوقات التنزه، عندما أسير في الطرقات؛ لأنني أعود لأصول أفريقية، يطلقون عليّ أيضًا النكات الغير مضحكة بالمرة، والتي أغلبها تحوي على كلام يجرح مشاعري، قررت يومًا الانتحار، لا أجد مكانًا يتقبلني كما أنا، وما إن كنت سمراء، أليس هذا من خلق الله؟ اقترحت عليّ زميلة في العمل، رأيت في عينيها الشفقة عليّ، وقالت: لِما لا تستخدمين مستحضر تجميل، سيجعلك فاتنة، وسأوصيك بأحد المتخصصين في هذا المجال، ستكونين بيضاء مثلنا.

بدات أفكر بالأمر كثيرًا قبل اتخاذ هذه الخطوة، ولكن قررت الذهاب على أمل أن تتغير نظرة الناس لديّ، ودخلت المركز التجميلي معها، كان مليئًا بالفتيات الذين يحاولون التغيير من شكلهم؛ ليصبحوا أفضل، عرضت عليّ عرضًا، لكني كنت لا أملك كل هذا المال؛ لفعل هذا.

قالت هناك حلٌ واحد فقط، ستستخدمين كل هذه المستحضرات على شرط واحد، تعرضين نفسك على فيديو قصير، وأنت تضعين أحد المساحيق، ومن ورأك سيظهر عنوان المركز، وأرقام التليفونات الخاصة بنا، وافقت بالأمر على مضض، ورتبنا كل شيء، وفتحنا التصوير للمقطع، ولكن أيقنت فجأة أني سمراءٌ جميلة، بكيت في المقطع؛ لإني تذكرت كل من تنمر عليّ، كل من حاول بث زعزعة الفتاة الجميلة بداخلي، التنمر الذي تعرضت له، كاد أن يفقدني حياتي، ولكن حمدًا لله أنني فهمت متأخرّا، أنني السمراء الجميلة، وليست القبيحة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!