نؤمن أن الفن هو أحد أهم أعمدة القوى الناعمة التي لها تأثيرها على الفرد والمجتمع، هو الوجهة والدليل لفهم حياة الناس، حيث تتعد أنواع الفنون، ولكن في مقالنا هذا نتحدث عن فن الدراما بشكل خاص، الذي ينقل حياتنا وسلوكياتنا في شكل عمل درامي مُتكامل نشعر من خلاله أن هناك أحد يشعر بنا، ونرى في أبطاله أنفسنا، ونستطيع الترفيه من خلاله عن صخب حياتنا فنتوحد مع البطل.. نضحك معه ونحزن على حزنه، وعلى الرغم من وجود عدة أهداف من الأعمال الدرامية أو السينمائية والذي يعد الترفيه أحد أهم هذه الأهداف، إلا أننا لا يجب أن نغفل عن هدف الوعي، الذي يعد الهدف الأسمى، فالفن الهادف يطوي بداخله رسالة هامة نستخلصها من العمل الدرامي.
وسنتحدث هُنا عن مسلسل اجتماعي درامي تم عرضه حديثًا يحمل اسم “وبينا ميعاد”، منذ عرض حلقاته الأولى وهو جاذب للجمهور من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أنه مسلسل اجتماعي أصيل يُخاطب الأسر المصرية متوسطة الحال،
وفي حقيقة الأمر عجزت عن وصف روعة وجمال هذا العمل الدرامي المصري، حيث أنه ناقش حياتنا اليومية في صورة عمل درامي خفيف وممتع، وسلّط الضوء على العديد من القضايا الحياتية.
على الرغم من أن بعض الأعمال الدرامية تُكرر نفسها في تسليط الضوء على بعض القضايا، إلا أن قصة مسلسل وبينا ميعاد كانت مُختلفة، حيث أنها سلطت الضوء على “حسن” الرجُل الذي أفنى حياته في تربية أولاده الأربعة إلى أن أصبحوا شبابًا يُعتمد عليهم، فـلم يفعل ويتزوج فور وفاة زوجته كما هو الحال في المجتمع، وأيضًا ما لفت نظري في تلك اللافتة أننا دائمًا ما نسلط الضوء على الزوجة التي تفقد زوجها، وتفني حياتها في تربية أولادها، بالطبع تُرفع لها القُبعة ولا نقاش في ذلك؛ لكنني أتحدث هنا عن إغفال الحديث عن الرجل الذي يفعل الشئ ذاته.. وهذا ما قدمه لنا مسلسل وبينا ميعاد.
أما عن بطلة العمل الأخرى “نادية” التي تركها زوجها منذ نعومة أظفار بناتها الأربعة، وتحملت هى مسئوليتهن بمفردها؛ ليؤثر ذلك على شخصيتها، فنجدها حادة الطباع صعبة التفاهم، وذلك أثر بالسلب على بناتها، وإليكم في تلك السطور أهم الدروس المُستفادة من مسلسل “وبينا ميعاد”:
1) غياب الأب لا يحل محله ما تُقاسيه الأم من أجل أولادها، فالبرغم من كل ما قدمته نادية لبناتها إلا أنها كانت “غير كافية” في نظرهن، وكانوا بحاجة لوالدهم الذي تركهم لعدم قدرته على المواجهة، وتحمله المسئولية.
2) ضرورة وجود علاقة صداقة قوية بين الأم وابنتها، فوظيفة الأم لا تقتصر على العمل، والقيام بواجبات المنزل فقط، بل لا بد من نجاحها في صداقة ابنتها، وأن تكون أقرب صديقاتها؛ حتى تتمكن ابنتها من مصارحتها، فعندما خافت “ليلى” من والدتها، لم تستطع إخبارها بالشاب الذي أحبته في سنتر الدروس، وكادت أن تفعل شئ مُشين وتقع بالزواج العرفي.
3) ضرورة التلاحم بين الأسرة حتى في حالة الطلاق، فعندما ظهر الأب من جديد في حياة بنات نادية أصبحت حياتهن أكثر استقرارا، واستطاعن حل مشاكلهن؛ بسبب وجود الأب الذي كانت شخصيته تختلف عن نادية، حيث كان يستطيع أن يسمع بناته ويحتويهن.
4) تربية أولادنا باللغة التي تتناسب مع جيلهم، فنجد أن أغلب المشاكل التي كان يواجهها حسن مع أولاده؛ بسبب اختلاف ثقافات وأجيال، واختلاف أساليب التربية، فيجب أن نُربي أولادنا على القيم والأخلاق، ولكن أن نراعي أساليب تتناسب مع طريقة تفكيرهم، ويجب أن نفهمهم.
والعديد من القضايا الأخرى التي اهتم بها مسلسل وبينا ميعاد، وقدمها لنا، لكن استطعنا بقدر الإمكان الحديث عن أبرز الدروس المُستفادة آملين أن تكثر تلك الأعمال الدرامية الهادفة التي تسلط الضوء على حياتنا بشكل واقعي هكذا.
شكرًا صناع مسلسل وبينا ميعاد..
