ابداعات

قلب الحبيب

✍️أحمد الشاعر

قبل عصر الأنترنت كان الحُب حُب، والكره كره حتى الكره كان لذيذًا، يحمل بين طياته الأمل والويلات ولحظات البكاء مزينة بأغاني فيروز وعبد الحليم وعبد الوهاب ونجاة الصغيرة ومن الجيل الجديد إيهاب توفيق وذكرى وحنان وعمرو دياب وحميد الشاعري.

كانت تبدو الأمور أكثر شياكة كما أن كل لحظة حب يتوقف الزمان عندها؛ بحيث تأخذ حقها وأكثر، كان زمنًا جميلًا بكل ماتحمله الكلمة من معنى.
اليوم أصبحنا لا نتحمل بل نتجمل، نضحك بملء فاهنا على هذا الذي يعيش رومانسية الزمن القديم في عصر أصبح الزواج والطلاق والحب والكره والمولد والممات سريعًا لتفاجأ بقدرة الشاب والفتاة على ما يسمى بالـ “موف أون” أو الانتقال من حبيب إلى آخر مما يجعل الحب نفسه كالليمون اللاذع لا طعم له لكنه يؤلم قليلًا وليس كثيرًا.

تلك القطعة الرقيقة المحملة بالشرايين كانت تتحد مع العقل يومًا وهو يتفاعل مع الخطاب التلغرافي الذي يحترق القلب في انتظاره وتجلس ربما شهرًا في تخيلات ببن أيادي العاشق مع القليل من مداعبة الهواء في الشرفة ويا حبذا لو زخات من المطر كافية بجعل المشهد أكثر رومانسية.

بالأمس استمعت إلى الصوت العذب “علي الحجار” وهو يدندن”قلب الحبيب”، عادت بي تلك الأغنية إلى أيام الصبا يوم كنا لا نحمل همًا على الإطلاق سوى أن نرى ما سوف نرتديه في امتحاناتنا، بل والورقة المدسوسة بين طيات كتاب الحبيب والعصفور الذي يداعبها عند نافذة الفصل، أيام.

اليوم العصفور قد شاخ وبدأت دندنته في الإضمحلال والخفوت، لتسقط آخر ورقة في شجرة الزمن الجميل عند موته، ويتوقف الزمان ليتحول إلى ذكرى تراها من خلال مسلسل قديم، أو سهرة كلثومية عابرة، أو تطبيق هاتفي يحمل أغاني الجيل التسعيناتي حتى.

ربما لو اخترعوا آلة زمن سأكون أول زبائنها، سأعود بها إلى تلك الأيام ولن أبرح مكاني قط حتى نهاية عمري، ربما.

ربما أيضًا سيكون المستقبل هو الأمل في العودة إلى أخلاق الزمن الجميل لذا سوف تحملنى آلة الزمن إلى المستقبل فلربما قد يكون صحيحًا، ربما.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!