ابداعاتقصص

خدعة

آية عبده أحمد

ذات مرة أثناء حديثي مع صديقتي باغتتني بسؤال قائلة: ما الحب؟ أجبتها: عفوًا؟- ما هو الحب؟ كيف يبدو؟- لا أعلم عنه شيئًا ولا أريد أن أعلم.- لماذا؟- لا يوجد حب هي مجرد خدعة.هناك في الريف حيث الجميع سواسية ولا أحد يتعالى على الآخر، يعيشون بشموخهم ومنازلهم المتواضعة ومزارعهم التي يقضون فيها جُلّ ساعات يومهم، وكل التفاصيل هناك تضج باليقين في الله وتعمّ بالهدوء إلا ذاك المنزل على طرف القرية، في الليل تحدث فيه قصصًا غريبة، أخبرنا أحدهم ذات ليلة بعد أن كان يركض بسرعة: “بأن هناك أعلى المنزل ذاك أسد قُتِلَ على يد ثعلب”، لم يصدقه أحد حتى استيقظ جميع أهل القرية في جُنح الليل على صوتٍ غريب.

وكان مصدر الصوت بالمنزل فقد كان أسدٌ يبكي ويزأر ولكن رأسه مفصول عن جسده، ولكنهم أخطؤو الوُجهة فقد كنتُ أنا من صرخ صرخة مُدوية، فقد هجرني ومجددًا صرتُ وحدي ويبدو أنني لعنة، لا يستمر الحب معي بل فقط يجعلني في المنتصف المميت، ولكن هذه المرة رميتُ قلبي في بئر الأمنيات بقريتنا، وتمنيتُ ألّا يطرق الحب بابي بعده، فما الحب إلا مجرد خدعة. وحتى صديقتي أصبحت تشمت علي حين علمت بالأمر، وكرهتني لأن جميع محاولاتها معه تبوء بالفشل ولم يحبها قط، وحتى صديقها الذي كانت تظن أنه يحبها فضحتها عيناها يوم زواجه، وعلم الجميع بالأمر..

تزوج صديقها من إحدى الحسناوات التي إختارها بقلبه وعقله، كانت فتاة بسيطة لا تعي شيئًا عن الحب، وأنجبا طفلًا أسماه على صديقه تيمنًا بصداقتهما، ثم ذهب بزوجته وابنه إلى العاصمة وكانت لقاءاتهما مع صديقه كثيرة.

ورويدًا رويدًا وقعت سلوان في حبه وكزُليخة تكاد كل مرة أن تُذنب ويصدها ذاك اليوسفيّ الطباع، وتلك العاملة التي تساعد سلوان قد أفشت سرهما وقُبض عليهم بالجُرم المشهود ثم عاد بها إلى القرية محمّلًا قلبه بالخيبات.

لم تحتمل القرية ما اقترفته من ذنب ودون سابق إنذار فاض البحر وخسر الجميع ما زرعوا من محاصيل، وجوان فقدت عقلها وأضحت مجنونة تجول الشوارع وملجأها ذاك المنزل الغريب في ضاحية القرية، وتزوجت سلوان من وائل وتركت لقاسم ابنه الصغير وائل والكثير من الخيبات.

وتلك آخر ما كتبته ليلى في مذكراتها فقد سلّمت الأمانة في صباح الجمعة، لقد كانت فاتنة ولكن يبدو أنها لعنة فلم يستمر أحد معها، قيسها وخطيبها الأول مات والآخر سافر والثالث تزوج وتركها والرابع كانت تحبه كثيرًا منذ أن افترقا وهي قد فارقت ملامحها السعادة.

كبُرَ وائل الصغير وهو يبغض والدته فقد تخلت عنه، وهي أصبحت بحاجته بعد أن مضت السنوات سريعًا، لكن كيف ينسى وائل همهمات الناس وأصابعهم التي تُوَجّه نحوه، وكل الكلام الجارح من الجميع؟ وماذا لو أن سلوان أحبّت قاسم وتركت وائل لليلى؟ وماذا كان سيحدث لو أن ذلك الأسد لم يزأر؟ وماذا لو تناست جوان وأكملت حياتها؟ لكنه القدر يا سادة..!

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!