ابداعاتخواطر

اذكرني

هاجر متولي

 يبدو أننا نتجه بشكل مرعب إلى نسيان المعنى الحقيقي للحب، نكون مع الأخرين بأجسادنا نسعد برؤيتهم، ونتحدث معهم بضحبٍ تام، وكأن أرواحنا تفتقد جزءًا ما، وتجدها ترحل عنهم لتستقر بمفردها في ايقونة ما.
ويصبح تعبيراتنا مجرد تعبيرات الكترونية له صدى ورنين آلي، ويغيب عنه الدهشة والألفة والتنهيدة والابتسامة الصادقة للروح، وندرك حينها أننا أصبحنا مجرد ألات، نحتاج إلى كرة أرضية أخرى نستريح فيها بعيدًا عن هؤلاء الذين فقدت أرواحنا التواصل معهم.

مرعب أن يدخل الإنسان في دوامة العشوائيات، ويبحث عن كافة البدائل ليجد ذاته فيها، ويقضي ساعات وساعات من يومه وحياته في ما ليس له معنى، ولا يضيف له أي شيء يذكر.إن وجود شخص ما يربت عليك في هذا العالم الموحش هو ما يُعيد لك بريق الحياة، تجده يلتقطك عندما تتهاوى، يسندك إذا تعثرت، يمسح على قلبك ويهون عليك الطريق _ شخص بمثابة ركن هادئ تلوذ إليه من عالم لا يحوي سوى الضجيج.وما أن تجده وتستأنس به، وتتعلق روحك بنقائه، يقضي عليك الزمان برحيله، حتى تلهو كالغريب مرة أخرى في هذه الحياة.يومًا ما كدت أن أعانق السماء، كدت أن أصل إلى المعنى الأسمى للحياة، وتيقنت أن ما مر في سنواتي الماضية ما هي إلا صور لهيكل من سراب، وأني على شاكلة أخرى مما أبدو عليه أمام الناس، وأن قلبي مازال بخير، ووحده ما شعرت معه بهذا الاحساس.

أتدرون ما يحملنا على التعلق بها، هؤلاء الاشخاص الذين يتملكون أرواحنا _ وإن غابوا _ الذين لهم بصمة روح وحديث استثناء.أتعرفون ما يجذبنا إليهم؟ هو وجود ما نرغب فيه ونحن بالقرب منه، وادراكنا أننا لا نصل لهذا الشعور إلا معهم، واطمئناننا الذين يمتليء كل ركن في الأجساد.من النادر أن نفكر فيما نملك، بل تجد ذواتنا دائمًا ما تفكر فيما ينقصها، ونسعى مرارًا بأن نجد طريقًا يصل بنا إليهم، ونتمنى أن يكونوا لنا، حتى تهدأ نفوسنا من ثورتها علينا.

ونجهل أن رغبتنا الملحة في أن يكونوا لنا _ هي ما كانت سببًا في ألا يكون _ أو ربما يهيأهم الله لنا، ويهيأنا لهم؛ لنستحق ما نرغبه، وليكون ما نرغبه حقًا لنا.فيا ونيس روحي وفقيدها، أخبرك أن روحي دائمًا ما تريد أن تطمئن أنك مازلت رفيقها، وأني أتذكرك في كل حين، وأذكر كلماتك الناعمة والمتلعثمة، وأخبر نجومي عنك، فما وودت إلا أن تصل رسائلي لك، وما أردت منك إلا أن تذكرني عند غروب الشمس، لعل روحي تهدأ بلقاء منك لا يراه أحد، ويشهد على حب كان يومًا بيننا، ومازال بين أرواحنا.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!