ابداعاتقصص

خيالي الشبح (الفصل الأول والثاني والأخير)

آية جمال

تدخل ريا إلى غرفتها في السكن الجامعي وهي تحمل معها مجموعة من العظام (فهي في كلية الطب قسم جراحة وكانت تسكن مع فتاه أكبر منها، لكنها تخرجت الآن وظلت ريا وحيدة). بعد أن تضع ريا العظام على الأرض وتقف أمامها واضعة يدها على خصرها وتتحدث بتنهيدة: أنا لا أعلم لماذا يجب أن أحضر هذه العظام إلى غرفتي؟ أنا لم أرَ عظامًا في حياتي من قبل؛ فـ أنا خائفة كثيرًا ووحيدة أيضًا، ماذا أفعل الآن؟ وأين يجب أن أضعها؟       

    لمحت صندوقًا أمامها وشرعت تحدث نفسها مرة أخرى: أجل لدي فكرة، ثم أسرعت نحو الصندوق وأخذته ووضعت بهِ جميع العظام ووضعته أسفل السرير.ثم قالت: نعم هكذا أفضل بكثير. ثم دخلت لتستحم وبينما كانت تستحم شعرت بأحدهم يقف أمامها يراقبها أزالت الصابون عن عينيها بسرعة وفتحتها لتنظر أمامها ولكنها لم تجد أحد ففطنت أنها يهيأ لها وأكملت استحمامها لكنها سمعت أصواتًا غريبة في الغرفة من الداخل وكأنه صوت أحد العجائز يصرخ ويحطم الأشياء.

فهلعت خوفًا وقررت أن تنهي حمامها وترتدي ملابسها لتخرج وترى من في الخارج. خرجت من الحمام تنظر حولها في كافة أنحاء الغرفة لكنها لم تجد أحدًا، ولا يوجد شيء مكسور كذلك. أخذت تقنع نفسها أنها مجموعة من التخيلات نتيجة لتعرضها لهذا الموقف لأول مرة، ثم قررت أن تخلد للنوم لعلها تتخلص من مخاوفها تلك.

لكن لم يمر الكثير من الوقت إلى أن شعرت بحركة وأصوات كثيرة من حولها؛ ففتحت عينيها لتجد الكثير من الأشخاص غريبي الهيئة مخيفي الشكل يقفون أمامها؛ فكان جميعم يفتقر لشيءٍ في جسده. منهم من فقد ذراعه ومنهم من فقد قدمه ومنهم من فقد رأسه. فاقترب فاقد الرأس من ريا ويحدثها: هل تسمحين لأحد أن يأخذ رأسك ويضعها في صندوق أسفل سرير؟ يُتبع..

(الفصل الثاني)

أُصيبت ريا بحالة من الهلع والخوف، بدأت تتعرق وبدأ بالظهور على وجهها لا تستطيع التحدث.
بادر صاحب الرأس المقطوع بالحديث مرة أخرى:
حسنًا سأريكِ كيف أشعر الآن، سأخذ منكِ رأسك وأضعها في صندوق هي الأخرى.

بدأ الجميع في الثرثرة بصوت عالي، لكنه أمرهم بعدم التحدث حتى ينتهي من عمله، ثم قرب يده مِن ريا ووضعها على رقبتها ويضغط عليها بقوة حتى كادت أن تفقد التنفس.

وفي نفس هذه اللحظة اِستيقظت ريا في فزع، تلهث وتتعرق من شدة الخوف، أخذت تنظر حولها كالمجنونة لكنها اطمأنّت عندما لم تجد أحد.

بدأت تهدأ نفسها وتحدثها:
هذا مجرد حلم يا ريا لا تقلقي سيزول هذا الخوف بمجرد إشراق الصباح، وعادت لتكمل نومها مرة أخرى.

استيقظت في اليوم التالي وذهبت إلى جامعتها وحملت العظام معها للتجارب التي ستقوم بها.

عندما انتهت مِن يومها الدراسي وتجاربها أخذت العظام لتعطيها للدكتور الخاص بها وكانت سعيدة لأنها ستتخلص منها لكن الطبيب رفض أن يأخذها وأخبرها أنه يوجد العديد مِن التجارب الأخرى وستحتاجهم بها فيجب عليها أن تحتفظ بهم معها.

عادت ريا للسكن الجامعي مرة أخرى وهي تدعي ألا يحدث معها مثلما حدث ليلة أمس.

قامت بروتينها المعتاد لكن دعائها لم يُستجب؛ فقد حدث معها كما حدث ليلة أمس بالتفصيل كان الفرق في التاريخ واليوم فقط، ظل الأمر هكذا معها لمدة ثلاثة أيام، لم تنقطع عنها الأحلام قط.

بعدما يأست من الصمود قررت أن تذهب إلى شيخ بعد انتهاءها من الجامعة وتحكي له ما يحدث معها.

ها قد أتى اليوم، انتهت ريا من محاضراتها وذهبت إلى الشيخ
بدأت تحكي له كل ما حدث بالتفصيل وبعدما انتهت، أخبرها أن هذه مجرد خيالات ناتجة عن خوفها وتفكيرها الزائد في هذه الأمور وستذهب مع الوقت، ونصحها بأن تهدأ ولا تقلق؛ فاطمأنت بحديثه كثيرًا ودعته لتعود إلى سكنها مرة أخرى، لا تعرف ماذا ينتظرها؟
فهذا اليوم لن يكون كأي يوم مرت به من قبل.

عندما وصلت السكن لم تجده في مكانه.

بدأت تحدث نفسها:
هذا غريب أين أختفى السكن؟ كان هنا منذ أن أتيت.

فرأت شخص يمشي باتجاهها نادت عليه لتسأله:

من فضلك ألم ترَ السكن الجامعي الذي كان هنا
أجَبها وهو يشير بإصبعه الجهة المعاكسة:
تقصدين هذا السكن.
أجَبته ريا وهي في صدمة:
أجل هو، لكن كيف ذهب إلى هناك فهو دائمًا موجود هنا.

أجَبها:
تعالي معي أنا ذاهب أيضًا إلى هناك لابنتي.

في البداية قلقت منه وأرادت ان تهرب بعيدًا بسبب مظهره الغامض وحديثه الغير مريح، لكن عندما سمعت أن ابنته هناك ذهبت معه.

عندما دخلوا السكن أُغلق الباب بقوة..

يُتبع..

( الفصل الأخير)

سمعت ريا أصوات غريبة عالية وضحكات كثيرة
وفجأة تحول السكن مِن حولها إلى مقبرة مظلمة مليئة بالنار

نظرت بجانبها خائفة لترى الرجل الذي كان معها منذ قليل لتسأله عن ما هذا الذي يحدث؟
لكنها لم تجد أح، فارتعبت خوفًا وصارت تصرخ بصوت عالٍ لعل أحد يسمعها ويأتي لمساعدتها، ثم هرولت إلى الباب الحديدي أمامها محاولة أن تخرج منه لكنها لم تجد له بداية أو نهاية.

لم تُجدي محاولتها منفعة ولم يكن بيدها سوى الجلوس والبكاء
إلى أن شعرت بصوت أحدهم يقف أمامها فظنته الرجل الذي كان معها منذ قليل؛ فَنظرت له سريعًا لتعاتبه على تركه لها في هذا المكان الغريب والمخيف، لكنها وجدت نفس الأشخاص التي لطالما رأتهم في حلمها، ولم يكونوا هم فقط بل كان معهم أشخاص آخرين، كان يتقدمهم وكأنهم رئيس لهم صاحب الرأس المقطوع.

بادر بالحديث كما يحدث في الحلم دائمًا:
ألم أخبرك أنني سأفعل معك مثلما فعلتِ معي وسأسلبك رأسكِ.

أجَبته ريا في خوف وتلعثم:
اِتركني أذهب رجاءًا فَأنا لم أفعل لك شيء

أجَبها بتحدي:
حسنًا إن وجدتي الباب فسوف أترككِ تذهبين، لكن أسرعي فَمعكِ مِن الوقت عشرة دقائق فقط

هرولت ريا سريعًا تلتف يمينًا تارة ثم يسارًا تارة أخرى لعلها ترى ما لم تراه في المرة الأولى

لكن قبل انتهاء الوقت وجدته أمامها فجأة، وقبل أن تُظهر أي ردة فعل اِقترب منها ممسكًا برقبتها بقوة حتى شعر أنها فارقت الحياة بين يديه، ثم قذفها على الأرض وأخذ ينظر لها وللتجمعات التي اصطفت من حوله، وبدأ يحدثهم:
هل تُريدون الانتقام لما سُلب منكم؟

أجَبه الجميع في صوتٍ واحد:
أجل

أجَبهم:
حسنًا ها هي أمامكم افعلوا ما شئتم

اقتربوا منها جميعًا ينتزعون من جسدها ما انتزعته منهم من قبل.

عندما كان يقف يراقبهم سمع صوت من خلفه يقول:
لقد فعلت ما تُريد؟

أجَبها:
أجل فهذا ما تمنيته منذ زمنٍ بعيد

أجَبته:
لماذا فعلت هذا بي يا أبي، ماذا كان سيحدث إن وركتني أُكمل حياتي وأنهي ما بدأت؟

أجَبني:
ماذا عن ما فعلتهِ أنتِ بي؟
لماذا أتركك تنعمين في حياتك بينما أنتِ السبب في تدمير حياتي؟

أجَبته:
أنا حقًا أسفة، لم أقصد ذلك، تعلم أنني أُحبك كثيرًا، لكنك أنت السبب في ذلك، فأنت من ألقيت نفسك بالرغم من أنني حاولت منعك لكنك لم تستمع لي ودفعتني بعيدًا.

_ فجأة تفتح ريا أعيُنها على صوت المنبه يهزي بجانبها
جلست ثوانٍ تستوعب أين هي؟
وماذا حدث؟
ثم نظرت في هاتفها لتجد الساعه السابعة صباحًا

حدثت نفسها بأريحية:
أكان كل هذا حُلم؟

ثم تنهدت بارتياح:
حمدلله يارب، كاد نفسي ينقطع من شدة الخوف وأنا نائمة.

ثم تجهزت وأخذت العظام من أسفل السرير وهي تدندن:
تعاليّ فَهذا كله بسببك هذه ستكون أول وأخر مرة أحضرك فيها هنا.

ثم أخذتهم وذهبت إلى محاضرتها أكملت يومها الدراسي ثم ذهبت إلى دكتورها لتحدثه:
بعد إذن حضرتك يا دكتور، أيمكنني إبقاء هذه العظام هنا؟

أجَبها:
الأفضل لكِ أن تأخذها معكِ للمنزل حتى تستطيعين التطبيق عليها مرة أخرى إن نسيتي ما تم شرحه، وأيضًا سنحتاجها كثيرًا فيما بعد.

نظرت له ريا في تلجلج وهي تتذكر ما حدث معها في الحلم
لا لا يا دكتور لا أُريدهم فأنا أتذكر جيدًا كل ما تم شرحة، أما بالنسبة لباقي المحاضرات فيمكنني تخبئتم جيدًا حتى ألقاهم فيما بعد.

نظر لها الدكتور في شك ومن ثم وافقها الرأي إن كان هذا ما تُريد.

بعدما ذهب إلى سكنها الجامعي وأنهت يومها، ثم ذهبت إلى سريرها لترتاح قليلًا.

بعدما أغمضت عينيها لتغرق في النوم
تُفاجأ بهِ يقف أمامها:
تعتقدين أنكِ هكذا نجوتي منّا؟

نظرت له في ذعر:
ماذا تُريد؟

أجَبها بتوجس:
أنا كابوسك الذي:
سيظل يطاردك طوال حياتك، لن ينتهي وإن أصبحتي في قبرك.
النهاية

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!