
بقلم / محمد على الأخرس
«أبو الهول».. التمثال العجيب الضخم الذى يعود تاريخه إلى الأسرة الرابعة، تلك الحقبة الهامة من تاريخ مصر، فهو تمثال أسطورى برأس إنسان يُنسب إلى الملك خفرع وجسد أسد، يقع على هضبة الجيزة غرب النيل ناظرًا نحو الشرق، في وضع وكأنه يحرس هضبة الأهرامات بالكامل.
والتمثال الذي يُعد من أقدم المنحوتات الضخمة في العالم يبلغ طوله نحو 73.5 متر، من ضمنها 15 مترًا طول قدميه الأماميتين، وعرضه 19.3 متر، وأعلى ارتفاع له عن سطح الأرض حوالى 20 مترًا إلى قمة الرأس، حيّر الكثيرين حول حقيقة الشخصية التى كان يرمز لها، هذا التمثال الذى يساوره الغموض، و الحكايات الأسطورية أو المنطقية. وكذلك أثار العديد من التساؤلات والروايات حول سبب تحطيم أنفه لتصبح بالشكل الذى يوجد عليه التمثال حاليًا، واليوم نتحدث عن عدة روايات حول حقيقة هذه الأنف لهذا التمثال الغامض! –
هناك من يقول إن عوامل التعرية كانت السبب في سقوط أنف أبو الهول منذ زمن غير معروف، خاصة أن الأنف بشكل عام تكون أضعف نقطة فى أى تمثال، وآخرون ذهبوا إلى أن أبناء الملوك فى مصر القديمة كانوا يتبارون عليها فى الرماية! ولكن كل تلك الروايات لا ترتقى إلى مرتبة الحقيقة.
– أيضًا هناك الكثير من الشائعات تقول إن أنف أبو الهول دُمِّر بواسطة مدفعية جنود الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 بقيادة نابليون بونابرت؛ لكسر أنف المصريين وتدمير معنوياتهم!، ولكن الرسوم التي قدمها المستشرق الدنماركى فريدريك لويس نوردين لأبى الهول فى عام 1737م، والتى نشرت فى 1755م، قبل 61 عام من تاريخ الحملة، بل قبل ولادة بونابرت نفسه بـ32 عاما، فى كتابه «الرحلة إلى مصر والنوبة» أظهرت التمثال بشكله الحالى بلا أنف، بحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية.- وفى رواية مغايرة، قيل إن الإنجليز هم من اتهموا حملة نابليون بكسر أنف أبو الهول وتخريبه، كنوع من المكايدة للفرنسيين، أيضًا تم توجيه تهمة مماثلة للجيوش البريطانية والألمانية التى دخلت مصر أثناء الحرب العالمية الأولى، لكن الخبراء نفوا تلك الشائعات استنادًا إلى صور للتمثال بدون أنف منذ عام 1886م، وقبل ذلك.
– إلا أن أقرب الروايات إلى الصواب هى رواية شيخ المؤرخين المصريين، تقى الدين المقريزى، والذى يقول إنّ المصريين كانوا يؤمنون أن أبو الهول هو «طلسم الرمال»، أى أنه التميمة التى تمنع زحف الرمال على المنطقة فتدفنها، وفى إحدى السنوات قام شيخ لهُ معتقدات مُتطرفة (على حد وصف المقريزى)، وكان اسمه «محمد صائم الدهر» بحملة لإزالة المنكرات والتصاوير والاصنام، وعلى رأسها تمثال أبو الهول، وظلّ يجاهد فى تحطيمه، إلا أنه لم يستطيع سوى تشويه فمه وأنفه، وظل التمثال على هذا الحال إلى يومنا هذا.
وعندما علم محتسب القاهرة بالأمر تقريبًا عام 1380م قبض على الشيخ صائم الدهر وأوسعه ضربًا حتى مات، وأمر بدفنه بجوار أبو الهول، والغريب (والكلام مازال للمقريزي) أنه بعد تحطيم وجه أبو الهول، بدأت الرمال بالفعل تزحف على المنطقة حتى غطت أراضى كثيرة من الجيزة كان يصل إليها النيل في ذلك الوقت.
أما ذقن أبو الهول فتم العثور عليها عام 1926 بعد إزالة جزء كبير من الرمال التى غطّت جسد التمثال لمئات بل لآلاف السنين، وبالفعل استولت عليها السلطات البريطانية المحتلة لمصر آنذاك وهى اليوم من معروضات المتحف البريطانى بلندن.