ابداعات

أطروحة الخيال

لُجين سامِح

ومن المعاني الشاملة في النفس، والمستقرة في جنبات العقل، والمتخذّة من لُبّ القلب.. هو الخيال.


فتجد أن داخلهُ مكتنزٌ رغم أنّه بهِ حاجة، ومنطلق الأسارير رغم انغلاق الروح، ومتفاوت الشعور رغم أنه ساكن.


فهو كالموج.. مُضطرب، والخيال كالريح.. يجعلهُ مدًّا أو جزرًا، أو كلاهما في آن واحد.


تكسوه الحماسة فتغرق موجته الشاطئ، وتنكسر مجاديفُ الواقع.. فيغدو من فرطِ اندفاعهِ متلوّن هائج، لا ترده الرياح إلى صوابه.


وإنه في التارة الأخرى هادئ، يداعب شمس الحياة المسترسلة على صفحتهِ، وأسماك الشعور السابحة في نفسه.. فلا يضطرب، ولا تخطو موجته حدودَ الشِراع، فلا يميل ولا يحيد عن موقع فكرهِ المتجدد، وأملهِ الممتدّ مع الأفق.

ويقول الرافعي في كتابه وحي القلم: “وكان لهَا خيالاً مشبوبًا، يُلقي في كلّ شيء لمعان النور وانطفاءه؛ فالدنيا في خيالها كالسماء التي ألبسها الليل، مُلئت بأشيائها مُبعثرة مُضيئة خافتة كالنجوم”.


وكما قال فإنّ الدنيا في الخيالِ كالسماء، تستزيد منها لتزيدك، فإذا التمع نجمها شعرت كأنها واحدة منها، تخاطب القمر أسفل غطاء الليل.


وإن الخيال لنعمةٌ لذوي الواقع السيء، والآلام المُبطّنة
فيكون صويحب من لا رفيق له، ومعين من لا هادِي له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!