
ينتابُني شُعُورُ التعجُب دائمًا من فعلِ هذا الأمر، ألا وهو التحديقُ في أمرٍ لا يخصك البتة، وتتعمد أن تطيل التحديق، حتى وإن لاحظ المتحدق به نظراتك تجاهه، وأوضح لك أنه بالفعلِ قد رأك، تستمر في التحديق طوال الطريق.
وأذكر موقفًا قد تعرضتُ له، وحقًا قد استفزني لأقصى درجة لم أعد أتحملها، في صباح يوم الأحد الموافق التاسع عشر من شهر مارس، لعام ألفين وثلاثة وعشرين، عندما كنت ذاهبة لعملي، كانت بجواري فتاة أظنها في نيفها العشرين، وبدأ الأمر كالتالي:
كُنتُ أتواصل في محادثة مع إحدى صديقاتي على تطبيق واتس أب، وإذ فجأةً وجدتُ من يُحدق، بل والله شعرتُ بأنها من ستقوم بالرد على صديقتي في المحادثة من شدة تحديقها بالهاتف، نظرتُ لها على أملِ أن تخجلَ، ولا تُعيدَ النظر مرة أخرى، وبالفعل قد شعرت بأنني لاحظت شدة تحديقها، انتظرت منها ردةَ فعل بسيطة، أن تُشيحَ بنظرها بعيدًا عني، لكن والله لقد زادت الأمر سوءًا، بأن قالت لي نصًا باللهجة العامية، لكني سأسردها لك بالفصحى عزيزي القارئ المبتلى مثلي، بمقابلة هؤلاء:قالت: (هل هناك خطب ما؟)، تالله إنك لعديمة الذوق، وقليلة الحياء، كأنك لم تفعلي شيئًا، بل إنها تنظر بطرف عينيها ببعض العجرفة، وكأنها ستلطمني على وجهي، فقط لأنني نظرت لها، ما بالكم لو أنني تكلمت، أظنُ أنها كانت ستقذِفُني من النافذة التي بجواري.
أمثالُ هؤلاءِ نُقابلهم دائمًا في حياتنا، المُحدّقون، لكني من داخلي أريد أن أُطلق عليهم مرضى نفسيين، مثل هؤلاء لديهم هوسُ التحديقِ بكل شيء، أُشفقُ عليهم في بعض الأحيان؛ لأن كثرة التحديق هذه قد تؤدي بهم يومًا، لمستشفى الأمراض العقلية، وإذا قمت بنصحية أحدهم، أو حتى التنبيه، فإنك قد فعلت جُرمًا سيعاقبك هو عليه، وليس القانون، سؤالي الذي سأوجهه لهم، وسأترك لهم محاولة الإجابة عليه، علني أكون سببًا في شفاء أحدهم(ماذا إن حدّق بك أحدهم؟ هل