
الحمد لله الذي وهبنا برحمته شهر رمضان _ سيد الشهور _ يُضاعف فيه الحسنات والأجور، فهو شهر المنح والبركات والخيرات والهبات، فيه يكثر الحديث مع الله، فيه منابع الأسرار ومداخل النور للروح.أقبل خير الشهور، بنسيمه الطيب، ودفئه المميز، وعمت أنوار فرحته في كل البيوت، فمرحبًا بمقدم الضيف الحبيب، فهو كنز المتقين وفرحة التائببن، وبهجة المسلمين، تُفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتسلسل فيه الشياطين، لتنعم الروح بجرعة نقاء استثناء، لم يفز بها إلا فيه.
أطل علينا ليعلمنا قيمة الأشياء، ويُعلي نفوسنا ويُهذبها لخير الأعمال، فيه فرض الله الصيام لجوارحنا للتطهير، وبلغنا سبحانه أن غايته هو تحقيق التقوى، فعجبًا لمن يصوم عن الطعام، ولا تكف أفواهم أو جوارحهم عما يُغضب ربه.التقوى هي غاية الصيام، ولا تتم التقوى عند العبد إلا إذا حسُن خلقه في تعاملاته مع سائر العباد، فلا يأخذ من أجر الصيام إلا قليل، فهو شهر التوبة والمغفرة، ولعلنا من المستغفرين والتائبين.يُعلمنا العودة إلى الدين القويم، والاستقامة على صراط الله المستقيم، وقد أخلص فيه الصحابة _ رضوان الله عليهم _ وأخبرونا بكثرة العبادات _ من صيام وقيام وإفطار للصائمين _ لتزكية النفوس وتطهيرها من الشياطين.
فيا سعادة من مدّ الله في عمره ومتعه بنعيم الصحة ليغنم بمغفرة الله ورضوانه، ولنعقد العزم من أول أيامه أن نكون إلى الله أقرب وعن النار أبعد؛ لكي لا نُضيع فرصًا لا تعود، ولنجد ونجتهد ونستغل ساعاته؛ فإن المحروم من يدخل عليه رمضان ولم يغفر له.فحمدًا لك يا ربنا أن بلغتنا رمضان، وأكرمتنا بعطاياك، ونسألك أن تعيننا على الصيام وتتقبله منا، وأن تغفر لنا الذنوب والآثام.