مقالات

أحمد عرابي ( المتهم البريء )

✍️ محمد علي الأخرس

قال الكاتب الصحفي و المؤرخ حلمي النمنم في مقالات سابقة وفي حوارات تليفزيونية، أن هناك حقائق كثيرة من تاريخ مصر الحديث و المعاصر للأسف، يتم معرفته من المصادر الخارجية الأجنبية، مثل وقفة عرابي الشهيرة أمام الخديوي توفيق عام 1881م، مشيرًا إلى أن الزعيم أحمد عرابي لم يذهب إلى قصر الخديوى و لم يقل كلماته المشهورة “لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارًا.. ولن نُستعبد بعد اليوم” كما تحدثت كتب التاريخ!!..

ويُعقب الكاتب إبراهيم عيسى – زعيم المشككين – على ذلك مدلِلًا بأن أيًا من المعاصرين للحدث لم يتعرض من قريب أو من بعيد لذلك الحادث كالشيخ محمد عبده وخطيب الثورة العرابية عبد الله النديم!.. وأيضًا يقول أن تلك الحادثة قد دخلت في صفحات التاريخ عن طريق عرابي نفسه بعد عودته من المنفى، وتعرضه لحملة هجوم شعواء بدعوى أنه كان سببًا مباشرًا في جلب الاحتلال الانجليزى للبلاد، فكان ذكره للحادثة لحصوله على المزيد من التعاطف من جديد على حد تعبير الكاتب!..

و يزيد عيسى فيقول: إن كثيراً من كتّاب التاريخ تناولوا الحادثة في سبيل الدفاع عن عرابي، فذكرها محمود الخفيف في كتابه (أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه)، ذلك المؤلَّف الذي برغم ضخامة حجمه، لم يضف الجديد واكتفى بنقل الوقائع عن أصحابها على سبيل الدفاع دون توثيقها..

وبغض النظر عن صحة الواقعة تاريخيًا من عدمها، فلنا هنا أن نتساءل: إذا كان هؤلاء المشككين في التاريخ يستخدمون أسلوب “التشكيك” بمعنى أن الواقعة غير مذكورة عن لسان أحد المعاصرين!.. فإن الواقعة ذُكرت عن طريق صاحبها شخصيًا في مذكراته وليس مجرد معاصر أو شاهد عيان.. فلو اعتبرت مثلًا أن شهادة النديم أو محمد عبده صحيحة فهل هم أفضل حالًا أو أصدق من عرابي نفسه؟!.. أيضًا لو قالوا بأن الواقعة اختلقها عرابي في صدد الدفاع عن نفسه، فلم لا يكون الخديوي قد محا من التاريخ على مدار عشرون عامًا إنصياعه لرغبات عرابي ومن خلفه الجيش والشعب بعد نجاحه في نفيه والقضاء على الحركة العُرابية تمامًا؟؟.. لاحظوا أن ثورة عرابي لم تعرفها كتب التاريخ بالإنصاف إلا بعد عام 1952م!!

ولو قالوا إن الواقعة لم تُذكر في أي من المراجع الأجنبية المعاصرة والتي حَوّت العديد من الوقائع الأخرى عن الفترة المعاصرة لم تُذكر فى التاريخ المصري!.. ونقول بأنه ليس معنى هذا أن تكون المراجع الأجنبية حاكمًا بل ودليلًا على صحة التاريخ المصري وإلا فلم نرجع لكتب مؤرخين من مصر كالجبرتي والرافعي وغيرهم؟.. فلندعهم جانبًا و نرجع لكتب مثل وصف مصر أو مذكرات ديلسيبس أو اللورد كرومر إذا اعتبرنا أن هؤلاء كتبوا عن تاريخ مصر مالم يكتبه المصريين!!..

والجدير بالذكر أنه يجب معرفة علاقة الزعيم أحمد عرابي بالخديوي توفيق فقد كانت بينهم علاقة عائلية من الدرجة الثانية، فزوجة الزعيم أحمد عرابي هى أخت زوجة الخديوي توفيق من الرضاعة حيث كانت أم زوجة الزعيم أحمد عرابي إحدى وصيفات القصر الخديوي وقامت بإرضاع زوجة الخديوى توفيق وهي مازالت رضيعة، خلاف ذلك كان بينهما علاقة شخصية تسببت في ترقية أحمد عرابي من صاغ إلى أميرالاى، في حين كانت الترقيات العسكرية وقتها قاصرة على الضباط الأتراك والأرناوؤط فقط.

أكرر لسنا في صدد الدفاع عن صحة الواقعة من عدمه، فهذا لا نملك عليه دليلًا إلا ماورد في كتب التاريخ، ولكنى أقول بأن هؤلاء المُشككين ليس عندهم دليل على مايقولون الا إلقاء الريّبة في نفوس الناس دون دليل علمى يقبله أى باحث!.. بمعنى أنك لو كنت بصدد دراسة ذلك الموضوع ضمن رسالة ماجستير أو دكتوراه، وذكرت ذلك للمشرف عن رسالتك لمزق الورق وألقى به فى وجهك!!..

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!