مقالات

حور محب – جبهة إنقاذ مصر

بقلم / محمد على الأخرس

عُرف حور محب عندما ظهر مُصورًا إلى جانب الملك فى مقبرته كقائد عسكرى التى بناها حور محب لنفسه فى منطقة سقارة قبل أن يصبح حاكمًا لمصر، ولعب دور المتحدث الملكى الخارجى باسم مصر. وارتفعت مكانة حور محب لدى الملك توت عنخ آمون، بسبب قيادة حور محب شخصيًا إحدى البعثات الدبلوماسية لزيارة حاكم النوبة، وبناءً على ذلك، تمت الزيارة التى قام بها حاكم النوبة للملك توت عنخ آمون، وارتفع حور محب فى الأهمية فى عهد توت عنخ آمون، وأصبح القائد العام للجيش ومستشار فرعون للشؤون الخارجية.ويقول كتاب “الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون” للدكتور حسين عبد البصير، وكان هناك وزيران لتوت عنخ آمون، وهما الأب الإلهى آى والآخر كان هو القائد العسكرى الجنرال العظيم حورمحب، وبعد وفاة توت عنخ آمون، استلم الملك آى مقاليد الحكم لفترة قصيرة، ثم جاء من بعده عدوه اللدود ومنافسه الوزير الثانى القائد العسكرى الجنرال العظيم حور محب الذى تم فى عهده التدمير المنهجى لمعظم آثار فترة حكم توت عنخ آمون والملك آى.

استطاع حور محب إعادة الاستقرار إلى مصر بعد فترة من الفوضى، وضرب بيد من حديد على أيدى العابثين والمفسدين فى الدولة المصرية آنذاك، وكان الملك حور محب أول من وضع تشريعات وقوانين لتنظيم حياة العامة فى التاريخ.

واهتم بإصدار العديد من القوانين التى تنظم العلاقة بين الفرد والسُلطة الحاكمة، وبدأ حور محب سلسلة شاملة من الإصلاحات الداخلية لمنع إساءة استخدام السُلطة، وقضى على الامتيازات التى كانت فى أيدى عدد قليل من المسئولين، وكانت قد بدأت فى عهد أخناتون، وأعاد المركزية والهيبة للدولة، ولما تولى حور محب الحكم أعاد الانضباط إلى الإدارة الحكومية، وعين القضاة، وأعاد السلطات الدينية المحلية، وقسّم السُلطة فى حكم الصعيد والدلتا بين وزراء من طيبة ومنف على التوالى.

وأضاف كتاب “الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون”، وكانت سياسة أخناتون قد أفقدت مصر إمبراطوريتها التى أسسها الملوك العظام تحتمس الأول وتحتمس الثالث، فأعاد حور محب لمصر هيبتها فى الخارج، واختار حور محب، رفيقه فى الجيش الوزير رمسيس (الملك رمسيس الأول بعد ذلك) —خليفة له على العرش. وأشار الدكتور حسين عبد البصير، أن حور محب فرعون عسكرى من طراز رفيع جاء لحكم مصر لضرورة اقتضتها الظروف فى مصر بعد فترة عصر العمارنة المضطربة والخاصة بحكم أخناتون وخلفائه، وأعاد حور محب الاستقرار للبلاد، وفتح لمصر صفحة من المجد باختياره قائده العسكرى الفذ رمسيس كى يخلفه على عرش مصر باسم رمسيس الأول، فاتحًا بذلك صفحة عظيمة من مجد مصر التليد، وأعنى فترة حكم الرعامسة، وأولها الملك رمسيس الأول وابنه الملك سيتى الأول، وحفيده الملك رمسيس الثانى بطل الحرب والسلام الأول فى التاريخ.

تظل شخصية القائد العسكرى والملك المصرى العظيم ” حور محب ” فى نظرى هى المقياس الحقيقى لمفهوم رجل الدولة بكل ما تحمله الكلمة من معانى، فللحق أقول أن حور محب من الشخصيات التاريخية التى لم يُقدّر لها أن تحظى بتلك المكانة الرفيعة التى تستحقها، ربما لأن الأقلام لم تعطه ما يستحق..

فحور محب ذلك الرجل العسكرى الفذ الذى جمع بين الثقافة الشديدة، والاعتزاز بالهوية القومية المصرية، والاخلاص الشديد لمفهوم الدولة وعدالتها ودورها المتوازن بين الحاكم والمحكوم، يُنسب إليه كامل الفضل فى الحفاظ على الدولة المصرية من السقوط بعد أزمة العمارنة الدينية والسياسية الخانقة، وكذلك عودة الدولة لإنصاف المواطن والضرب على الفساد واستغلال النفوذ الذى صاحب سقوط الآتونية، والذى تفشى فى مؤسسات الدولة المصرية وقتذاك.

وحور محب هو الأب الروحى لعصر الرعامسة والمؤسس الحقيقى للأسرة التاسعة عشرة رغم عدم ارتباطهم معه برباط الدم، ولكن تجرد الرجل فى سبيل الحفاظ على الدولة هو ما جعله يرى فى القائد با رعمسو (رمسيس الأول) خليفة له فى حكم مصر.

حور محب هو أول من أدرك خطر سياسة أخناتون فى سقوط الإمبراطورية المصرية فى بلاد الشام، ومع ذلك ظل مخلصًا لمليكه ولم يحاول الانقلاب عليه، ولكن حين أدرك الخطر المحدق بأمن مصر القومى فى عهد توت عنخ آمون، كان هو القوة المحركة للبدء فى استرداد إمبراطورية مصر المفقودة فى بلاد الشام كما دلت نقوش مقبرته العظيمة فى سقارة.

وقد صدق عالم المصريات المصرى القدير الدكتور عبد الحميد زايد (رحمه الله) بأن يصف حور محب بأنه ” أبو الشعب وصديق الفلاح “.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!