مقالات

“الكذبة البيضاء”

✍️ إسراء طارق

جميعًا نعلم أن الكذب من المحرمات التي يجب علينا تجنبها، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: “ويلٌ للمكذبين”، وعلى الرغم من التحذير الإلهي لهذه الصفة الشنيعة، التي يجب تجنبها فهو كل الأقوال المخالفة للحقائق التي تزعزع الثقة بيننا بعض، وعلى الرغم من ذلك إلا أن أصبح في وقتنا الحالي الكثير يستخدمها بدرجة كبيرة لإخفاء بعض الحقائق؛ وذلك لتجنب وقوعه في مشاكل وتوضع تحت بند الكذبة البيضاء.

تُعرف الكذبة البيضاء:
بأنها الكذبة التي تستخدم اضطرارًا وخوفًا من العاقبة أو حرصًا على مشاعر الآخرين.

ولكن المعنى الفعلي لمصطلح الكذبة البيضاء هو ما أباحته الشريعة الإسلامية في بعض المواضع، والأمور التي تظهر فيها المنفعة العامة الضرورية، قال رسول الله: صلّ الله عليه وسلم “ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرًا وينمي خيرًا “، وقد اباح الكذب في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث واسترضاء الزوج لزوجته لكسب ودها.

ومن هنا يظهر أن الكذب مباح إذا كان هدفه ومقصده خيرًا، وهو ضروري في هذه الحالة، وأن له مواقف محددة فقط يصبح فيها مباح ويعرف وقتها بالكذبة البيضاء.

إذًا فالكذب لم يحرم لذاته؛ إنما يحرم من أجل ما يتسبب به، ويترتب عليه من مفاسد للشخص أو للمجتمع، ويكون جائزًا لأغراض تجلب منافع كثيرة، أو تدفع مفاسد كبيرة، ولذلك يجب الحرص على الموازنة الدقيقة بين المفاسد والمنافع التي تقدم، فلا يجوز أخذ مبدأ الكذب في حياتنا بحجة جلب المنافع.

ولكن قد يقع كل من ارتكب الكذب بحجة المنفعة في فخ الاجتهاد، قد يصيب وقد يخطئ ،فهو لا يعرف هل تستحق تلك المنفعة أن نحلل الكذب أم لا تستحق، ويقع وقتها في موقع الاثم على فعله؛ ولذلك الأفضل والأولى في الإسلام هو البعد والاستغناء عن الكذب، واستخدام التورية بدلاً منه.

وفي النهايه يجب أن يتذكر كل فرد منا بأنه مهما برر لنفسه هذا الكذب، واختلق الأعذار والمبررات له فهذا لا يعني بأن ما يقوم به صحيح وبأنه علي حق، فكل فرد منا شهيد على نفسه بما فعله واقترفه، وسوف نُسأل جميعنا في يوم تشخص فيه الأبصار عن تحليل الكذب، وهو من الكبائر والمحرمات التي من الممكن الوقوع فيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!