
أمسية اليوم لم يختلف مذاقها عن سائر الأيام، أتأكد من الأقفال التي توصد أبواب منزلي جيدًا لألتفت وأجده على الرغم من كل تلك الأقفال لازال موجودًا، دلف وينتظرني على مائدة الطعام وعلى الرغم من نظرات الكره التى تملأ عيوني، كالعادة تركت باب قلبي على مصراعيه وانتظرتك، فتحته على مصراعيه وداخلى يرتجف من أن يأتينى الخذلان بدلًا منك، جررت أقدامى على الأرضية الخشبية وأحضرت كأسًا وأنا أنظر للخذلان ولا أعلم أأمقته أم أعتاد عليه، أنا من أدعوه كل ليلة بانتظارى لك، وأنت على الرغم من حبي لا تأتى وحتى إن أتيت فتأتي متأخرًا بعد أن تأكلني الخيبة، ذكرنى الخذلان بأنه لا داعى لإحضار الشراب لأنسى فمرارة دموعي كفيلة بأن تمحي ما بقى لى من حبك، أعلم أن رئتي هى المسؤولة عن تنفسي، فلماذا أشعر وكأن قلبي يتضخم وكأنه سينفجر ليهشم ضلوعي؟
أمضي كل ليلة وأنا ألعن نفسي لحبك.. أتساءل مئات الأسئلة هل أظلمني؟ هل أكرهني؟ هل أنا خائنة؟ هل أنا كاذبة؟ أقطع كل ليلة آلاف الوعود وأقسم بدلًا من المرة ألف بأني لن أسامحك، لن أشتاق، لن أحن، لن أقلق، لن أتذكر أي لحظة جمعتنا، فيتجاهلني قلبي ويركض مبتعدًا ليعود لاهثًا من جديد بكل ابتسامة وكل لحظة وكل نبضة فعلها من أجلك وبسببك، يتجاهلني ويبحث لك عن سبب ولو واحد فقط ليغفر لك الكثير من الليالي، يقولون أني أجيد التحمل ولكن أقسم بأنه ليس لهذة الدرجة.
اقترب منك خطوة وحين أفيق أجدني أبتعدت عن نفسي الآلآف، يجول بخاطرى محمود درويش وهو يقول:أنا لا أحبك.. كم أحبك.. كم أحبككم سنة أعطيتني وأخذت عمري؟كم سنة؟ وأنا أسميك الوداع.. ولا أودع غير نفسي!أتسائل ويضرب الشك أركان قلبي، أأحببتني؟
أتشتاق لي؟ وإن كنت لما لا تحن؟ أتكذب؟ تحب حبي لك، تحب نفسك أكثر مني، هل غطت الأنانية عينيك أم أنا من كنت عمياء من البداية، ولم يحدثني الجميع ولا أسمع سوى صوتك، لا صوت إلاك محبوس بأنفاسي، تدق عقارب الساعة وكأنها عصيان غليظة تحطم قلبي الخزفى، تدق وتمضي الساعات ومع كل ساعة أكرهك.. أحبك، أكره نفسي وأنتظرك!
تمر الساعات علي وينجلى الليل وتولد أشعة الصباح فالسماء، يصدح صوت أم كلثوم من خلف جدران الجيران تغني بكل دلال: وعمري ما أشكى من حبك مهما غرامك لوعنيليهتز هاتفي وقلبي معًا معلنًا وصول رسالة منك، أزيح دموعي وترتجف أصابعي ونفسي القديمة تلعنك، تلعن قلبي، تلعن حبي ولكنها تحبك، تشتد أغلال غيابك عنها كل يوم وتحبك، تتخبط بين جدران الشك وتحبك، تسقط الأسئلة فوق رأسها كل يوم أن تكون كضحايا متلازمة ستوكهولم، وفي نهاية هذا كله تحبك، تحبك وكم تتمنى لو تنحر قلبها ليكف عن حبك.