ابداعاترسائل قلبية

مؤنسات

عبدالله الحداوي

مرحبًا عزيزي القارئ …

لا أحب حرق الأحداث، ولكنني أميل للصدق في كل شيء، حتى في خواطري، وفي كتابتي، وكما هو في مجال الكتابة والأدب، يتحتم عليّ ككاتب محترف أن أرتب الكلمات، والأحداث بكل صدق؛ حتى يصبح المشهد واضحًا للجميع، ويعلموا من هم الأبطال الحقيقيون في كل قصة، ولكي يعلم الأبطال أيضًا أنهم أبطال؛ لأن المناضلين في حكاية لا يجدون وقت لمدح أنفسهم، أو مكافئتها، وهذه اليوم مهتمتي .

في روايتي الأخيرة ” أو أجد على النار هدى “ كان الجميع يتحدث عن بطل الرواية بكل فخر، كيف لا وهو النار التي أضرمت في حقول الفساد في أقسى حقبة زمنية تمر على بلاد الشام، ولكن للكاتب غاية خفية في هذا، وهنا يأتي السؤال .. من أوقد تلك النار ؟

لا أدري لماذا يطرق الحب بابنا وقت الحرب، وكأنما هو هروب منا من جبهات القتال إلى العيون الكحيلة، نقف أمام الموت وكأننا لا نعرفه، ونغضبه حين يتملك الحب منا، رغم أصوات الرصاص، وزئير المدافع، أو رغم موت ألف حكاية لم تكتب نهايتها في داخلنا، لكننا نرحب بذاك الزائر الخجول الذي يقف، ويحمل باقة من الصبر في يديه، ويجاوب بصوت يكاد يسمع عندما نساله
ما اسمك ؟
فيقول : اسمي الحب .. والله أعلم

وماذا تريد ؟

فيبتسم، ويأخذ بيدنا شئنا سواء أم أبينا، لنكسر عتبة الخوف، ونمشي إلى النهاية المجهولة، وأعيننا معلقة بالغيوم، متجاهلين جهلنا في السير للمجهول، ولكننا على قيد الرضا، فالحب معنا

باختصار يا سادة ودون إطالة، إن البطل الحقيقي لروايتي بعد الحب هو، أو دعني أقول هي….

وهي لا تشمل بطلة الرواية التي كانت الشرارة الناعمة، التي أوقدت تلك الشعلة في كل حزن صامت ومخيف، وفي كل مرة تعتريك رغبة في مغادرة الكون، حدق بهن، انظر إلى فتياتنا، ونسائنا، وبناتنا اللوات آثرن المقاومة على أن يعشن حياة مكررة، ومملة لا غاية فيها، ولا حلم
هُنّ الشرارة خلف كل شعلة، والجبل خلف كل بطل،
هن البطلات الحقيقيات خلف كل حكاية، فهن يتحملن ما نتحمل وأكثر، وهذا الأكثر لا يطاق، فإما أن يقاتلن بأنفسهن وإما أن يأتين بمقاتلين لهذا العالم، مقاتلات على كل جبهة، نار تحرق تارة، وتنير تارة أخرى، إذا ما وجدن طابت الجروح، وإذا ما ظهرن فالمكان أمان.

أنا أقول :
أهربوا من ضجة الواقع، وقبضة اليأس إلى أعينهم ودققوا فيها، هن مصصمات بمزيج من العناد والألم، يلدن من الحياة حياة، ويغظن الحزن مع كل كحل يرتسم على أعين بكت بفردها، ثم قامت لتسقي بدمعها قلوب غيرها، وتروي كل روح عطشى.

هن يصنعن الحب، والحب يصنع الناس، ويحييهم من جديد ويجدد بيعة الأمل، والصمود في نفوسهم؛ فيصنعون نهاية لكل هزيمة ، هن اللوات إذا ما قمن ولففن الطرحة البيضاء حول وجوههن، يقلق كل حزن ويرتحل ويرى نهايته بين أعينهن.

يا عظيمات الصبر رغم رقتهن، يا صاحبات المعارك التي لا تنتهي، والوظائف الدائمة ، يا كل أم، وأخت، وزوجة، وفتاة أبت أن تعيش حياة لا حياة فيها، ولا مقاومة ، لو تعلمن يا مؤنسات كم من قوة تبثها في أرواحنا! ابتسامتكن، وقولكن لنا تهون يا أبتي، أو يا أخي، أو يا زوجي، أو تهون يا جاري، و يا ابن العم.

لو تعلمن كم من جريح يطيب، وكم عدو يهزم حينما تفتحن أذرعكن، وتطلقن سهام الدعاء إلى السماء؛ فتعود لنا بالنصر، والصبر والقوة إليكن، فأنتن البطلات الحقيقيات لكل حكاية، نعاند الحياة، وأنتن المدربات على العناد منذ الصرخة الأولى في هذه الحياة، فخذن بأيدينا، وكنّ الياسمين في الساحة، والمدد وقت الحرب، والنور في الطريق.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!