فننقد سينمائي

ياسر خالد يكتب: بعد عام من عرض بحبك.. حان الوقت لإنصاف تامر حسني

✍️ ياسر خالد

لم تسمح لي الظروف لمشاهدة فيلم بحبك لـ نجم الجيل تامر حسني عند عرضه في السينمات، خلال موسم عيد الأضحى الماضي، إلا أنني تمكنت من مشاهدته مؤخرًا، والذي كان قد تعرض لبعض الانتقادات وقت عرضه.

ومن بين الانتقادات التي تعرض لها الفيلم، توجيه نقد لـ تامر بسبب توليه التأليف والإخراج إلى جانب التمثيل، لكن بعد مشاهدة الفيلم، أصبح من اللازم إعطاء الفيلم وبطله حقهما.

لكي أكون منصفًا فإن الفيلم في مجمله جيد، كما أن أداء تامر يتطور من فيلم إلى الآخر، إلى جانب أن الفيلم قصته بسيطة ليس فيها الكثير من التعقيدات، فهو فيلم رومانسي كوميدي، كعادة أفلام تامر، بدايةً من سيد العاطفي وحتى بحبك.

وحتى إن استثنينا حالة حب، فإن شخصية يوسف التي لعبها في الفيلم كانت تحمل بعض الملامح الكوميدية، خاصةً وهو يحاول الوصول إلى قلب ريم “الفنانة زينة”.

نعود إلى قصة بحبك، فتدور أحداث القصة، حول علي إمام، الذي يمتلك معرضًا للسيارات، والذي تلفت نظره حبيبة “الفنانة هنا الزاهد”، فيحاول لفت نظرها من خلال بعض المواقف الكوميدية، حتى يفوز بقلبها وهو ما ينجح فيه بالفعل.

بداية الفيلم

بداية الفيلم جاءت كوميديةً للغاية، من خلال المواقف التي تجمع عل بـ حبيبة، ومن بينها مشهد الزلطة، ثم دخولهما القسم، وقيام علي بتقليد الزعيم عادل إمام أمام ضابط الشرطة “أحمد عزمي” وسخرية حبيبة من ذلك “ده مش علي إمام، ده عادل إمام وبيقلده وحش”.

وبالإضافة إلى مشاهد حسين شقيق علي “حمدي الميرغني”، عندما يتسبب في كسر مرآة السيارة في المعرض، وصدم للعميل الذي يريد أن يشتري السيارة، لعدم رؤيته لزجاج المعرض، معللًا بأنه تم تنظيف الزجاج بشدة فلم يستطع أن يراه.

وأيضًا مشهد إيصال علي لـ حبيبة إلى منزلها بسيارتها، وإلقائه لها في القمامة وإيهامه لأحد السكان أنه عامل نظافة، وذلك خوفًا من أن يراهما أحد.

وكذلك المشهد الذي يدفع علي حبيبة فيه إلى داخل منزلها، وهو ما يفزع شقيقتها جميلة “سمر متولي” عليها، اعتقادًا أنها حدث لها شيء، لكن حبيبة تقوم بالرقص مع جميلة، فرحًا بقيام علي بتوصيلها إلى المنزل.

ومشهد دخولهما القسم مرةً ثانيةً وانفعال الضابط عليهما “هو أنا ماورييش غيركم، ده أنا لسه منقول هنا”، ومشهد التعارف بين علي وعائلة حبيبة، وتقديم والد حبيبة “تميم عبده” لزوج شقيقتها جميلة “عمرو صحصاح” له على أنه بطل مصارعة.

إضافةً إلى مشهد لي حبيبة لقدمها أثناء قيامها وعلي بترتيب منزلهما وغيرها من المشاهد الكوميدية الكثيرة، التي أثارت الضحك، وكانت أجواء الفيلم بالفعل لطيفةً للغاية، حتى قرابة النصف الأول من الفيلم، حيث كانت الأجواء تسير بشكل سلس، حتى خطبة علي وحبيبة واستعدادهما للزواج.

الإخراج

تولي تامر إخراج الفيلم، ليس بالأمر الجديد عليه، فقد سبق وأن أخرج بعض كليبات أغانيه، كما أن إخراج الفيلم لم يكن سيئًا، فلم تُلحظ أخطاء جسيمة في إخراج الفيلم.

فلم يكن هناك أخطاء في الراكورات على سبيل المثال، كأن يظهر أحد الممثلين بملابس في مشهد، ويظهر في لقطة أخرى بخطأ في راكور الملابس، فتجد نفسك وأنت تشاهد الفيلم قد خرجت من المود الخاص بالفيلم.

إيقاع الفيلم لم يكن سيئًا، بل كان متوازنًا، كما أن تامر لم يبالغ في استخدام الكرينات في إخراج بحبك، فلا توجد مشاهد من زاوية high-level كثيرة في الفيلم.

النصف الثاني من الفيلم

المشكلة في فيلم بحبك ليست في الإخراج أو أداء الممثلين، لكن مشكلة بحبك تكمن في القصة، وهو ما ظهر في النصف الثاني، المشكلة ليس حواريةً ولكنها مشكلة تتعلق بمنطقية الأحداث.

عدم وجود تمهيد للمشكلة الأكبر والأهم في الأحداث “عقدة الفيلم”، فللأسف رغم أن الأحداث كانت تسير بشكل سعيد، مع اقتراب علي وحبيبة من الزواج، والعيش حياةً مستقرةً وهادئةً، فجأةً وبدون أية مقدمات أو مبررات تسبق ذلك، تظهر ياسمين “هدى المفتي”، خطيبة علي القديمة، التي كان يستعد للزواج منها قبل سنتين، إلا أنها اختفت قبل زفافهما.

اللامنطقية واللامبرر لهذا الحدث، هي التي أفسدت متعة الفيلم، بالرغم من أن الفيلم جيد بدرجة كبيرة، لكن كان يجب التمهيد لظهور ياسمين، أو تلميح لوجود حبيبة سابقة لـ  علي في الفيلم، من خلال جملة على لسان أحد الأبطال، يذكره فيها بحبيبته السابقة.

ظهور ياسمين جعل الفيلم ليس وحدةً واحدةً، فتشعر أنه فيلمان وليس فيلمًا واحدًا، الأول كوميدي للغاية، بينما الثاني مغاير تمامًا فهو في غاية التراجيديا، فبعد معرفة لوجود حبيبة سابقة لـ علي، بدأت تدب الخلافات بينهما، بسبب حيرة علي بين الاستمرار مع حبيبة أو العودة لـ ياسمين.

فهذه النقطة تشبه إلى حدٍ ما ما حدث في عمر وسلمى 1، والتي تتمثل في شهامة البطل سواء علي في بحبك أو عمر في عمر وسلمى، عند إنقاذه لـ فرح “ميس حمدان” من هشام “رامي وحيد”، حيث يحتار علي بسبب شهامته بين حبيبة وياسمين.

فـ ياسمين عندما عادت لتدخل حياة علي من جديد، أطلعته على سبب عدم إتمام زواجهما واختفائها، وهي اكتشافها أنها مريضة بورم في المخ، وأجرت عمليةً جراحيةً كانت نسبة نجاحها ضعيفةً، ليتأجج الصراع في قلب علي بين حبه القديم والحالي.

نهاية الفيلم

نهاية الفيلم جاء منطقيةً، حيث يتزوج علي من حبيبة، وذلك بعد انسحاب ياسمين من حياته وابتعادها عنه، بعدما أيقنت أن علي لم يعد لها، كما أن قلبه لم يصبح لها.

أداء الفنانين

قدم نجم الجيل تامر حسني أداءً جيدًا على مدار أحداث الفيلم، سواء من الناحية الكوميدية أو التراجيدية، فأظهر امتلاكه لقدرات تمثيلية جيدة، كما أنه يتطور باستمرار من فيلم لآخر، فيجتهد في تقديم الشخصية، ويحاول أن يظهر أحاسيسها ومشاعرها.

الفنانة هنا الزاهد دائمًا ما تثبت أنها أحد أبرز بنات جيلها، فهي تقدم أداءً قويًا ومميزًا، إلى جانب اكتسابها الكثير من الخبرة، التي جعلتها تجيد في الدور وتظهر موهبتها القوية، فهي تجيد في المشاهد الكوميدية، مثلما تجيد في المشاهد التراجيدية.

أما الفنانة هدى المفتي بالرغم من أن ظهورها جاء تقريبًا بعد مرور النصف الأول من الفيلم، إلا أنها قدمت مشاهد جيدةً جدًا، خيث يعد بحبك واحدًا من أفضل أدوارها، وخاصةً تلك المشاهد، التي تصف فيها لـ علي حالتها الصحية، والسبب وراء اختفائها قبل زفافهما.

بينما قدم الفنان حمدي الميرغني الجزء الكوميدي بشكل مميز كالعادة، وكانت إفيهاته ومشاهده مثيرةً للضحك، كما أنه حاول التخفيف عنه، بعد علي في حيرة بين حبه القديم والجديد، مقدمًا النصح لشقيقه لطريقة كوميدية.

فيما قدمت الفنانة سمر متولي دور الأخت، التي بالفعل تخاف على شقيقتها وترغب في رؤيتها سعيدةً، وهو ما ظهر في الكثير من المشاهد، التي أجادت فيها، ومن بينها مشهد احتضانها لـ حبيبة، بعد توصيل علي لها إلى المنزل، وسعادتها بوجود قصة حب في حياتها.

ولعب الفنان القدير تميم عبده دور الأب باقتدار، فهو الأب الذي ينصح ابنته في موقفها الصعب، الذي تمر به علاقتها بـ علي بعد ظهور ياسمين، فكان حكيمًا في هذا المشهد وفي مشهده وهو يتحدث مع علي عن الأمر، فكان أداؤه حصيفًا.

وظهر الفنان عمرو صحصاح بشكل مميز أضفى ملمحًا من الكوميديا على العمل، كمان أن مشهد المشاجرة بينه وبين علي تم تقديمه بشكل جيد للغاية.

وأجادت الفنانتان عالية راشد وشهد الشاطر  في دوري صديقتي حبيبة، واللتان تحاولان أن تنتزعا منها أنها بالفعل وقعت في حب علي، وجاء مشاهدهما خفيفةً ولطيفةً للغاية.

إلى جانب الظهور المميز للفنان أحمد عزمي، فبالرغم من أن ظهوره كان كضيف شرف، إلا أنه قدم دورًا خفيف الظل، وقد قدمه بإتقانٍ شديد، فهو يقدم الأدوار الكوميدية مثلما يقدم الأدوار التراجيدية، بأداء قوي رصين.

الماكياج

لعب الماكياج دورًا هامًا في الفيلم، وهي نقطة تحسب لـ نجم الجيل تامر حسني كمخرج، حيث أنه اهتم بكافة عناصر العمل، فكان مشهد ياسمين وهي تدخل غرفة العمليات لإجراء الجراحة من المشاهد التي لعب فيها الماكياج دورًا مهمًا، فتم عمل ماكياج مؤثر يخفي حواجبها، في مشهد صعب ليس من السهل محوه من ذاكرة المشاهد.

تقييم فيلم بحبك

أرى أن فيلم بحبك يستحق 7/10، وكان التقييم ليصبح أعلى، لولا ظهور ياسمين المفاجئ، والذي لم يتم التمهيد له.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!