نقد سينمائي

أبوجبل يحطم جبل التوقعات بتفوق

منذ الإعلان عن بدأ تصوير مسلسل (أبو جبل) توقع الجميع أن يتشابه مع مسلسل (أيوب) الذي قدمه مصطفى شعبان العام الماضي نظراً لأنه استعان بنفس صناع العمل الأساسيين وهم المؤلف محمد سيد بشير والمخرج أحمد صالح ، كما أنه تم إختيار أكثر من ممثل شاركوه البطولة في أيوب ليكونوا معه في أبو جبل وهم دياب ومحمد على رزق وأحمد حبشي.

ومع بداية إذاعة الحلقات الأولى من العمل تفاجأ الجمهور بمسلسل مختلف تماماً عن (أيوب) صحيح أنه ينتمي مثله إلى الدراما الشعبية لكنه يختلف جملاً وتفصيلاً. وضعنا أبو جبل منذ اللحظة الأولى داخل صراع الأشقاء الثلاثة رزق وسعد وحسن على تقسيم حقهم في ميراث والدهم وتسارعت الأحداث بموت أولاد حسن في حريق بشقته إلتهم معه أيضاً مبلغاً مالياً كبيراً تجاوز العشرون مليون جنيهاً ، ثم تسارعت الأحداث الحزينة على الأسرة بدءاً بموت شقيقهم الأصغر غالي وسقوط حمل زوجته إنتصار ومن ثم موت أبوهم نفسه عندما علم بكل ذلك. كل ذلك حدث في الخمس الأولى فقط ، ومن ثم وجدنا أنفسنا داخل صراع أعنف وأشد بين الأشقاء العاقين سعد ورزق الذين اتهموا شقيقهم حسن بأنه السبب في ضياع المال وموت أبيهم.

تتكاثر المشاكل فجأة فوق رأس حسن عندما يصر أهل زوجته على أن تظل معهم ولا تعود إليه بعد أن قرر ترك العمارة الحديثة التي كان يعيش فيها والعيش في شقة الأسرة القديمة بالقلعة. وتترك رحاب (نجلاء بدر) زوجة سعد الشقة له وتعود إلي بيت والدها وجيه (محمود البزاوي) الطامع في شركة حسن وأشقاءه.

يتورط فجأة إبن عمهم الوحيد شعبان (أحمد حبشي) في قضية حرق البيت وسرقة المال ويتم حبسه إحتياطياً على ذمة القضية ويفشل محاميه فادي (أحمد خالد صالح) في تقديم أي دليل على براءته ، في الوقت الذي يصدق فيه حسن في براءة شعبان ويسعى جاهداً ليثبتها. تطلب مريم من والدها أن تذهب للعيش مع زوجها حسن في شقته أسرته لكنه يرفض بشدة ويضربها ويذهب ليهدد حسن ألا يتنازل عن ميراثه لأشقاءه.

يقرر حسن بيع الشركة لوجيه (محمود البزاوي) بمبلغ 40 مليون جنيه و بعد أن يبيعها له يخبره أنها مديونة ، ويأخذ الأموال كلها ويعطيها لأخواته ويحتفظ لنفسه بمليون جنيه فقط يقرر أن يبدأ به حياته من جديد.

على مستوى السيناريو أرى أن الاحداث منطقية وتسير داخل بناء درامي متماسك إلى حد كبير ، لكنها تتقدم ببطئ شديد فكل حلقة بالكاد تحمل حدثاً واحداً وهناك حلقات تعيد ما قيل في الحلقات السابقة . مع وصول المسلسل للحلقة الثامنة عشر التي أذيعت أمس أصبحت الشخصيات أكثر وضوحاً مثل شخصية سعد الذي ظهرت أكثر عقدته من حسن شقيقه وظهرت أكثر شخصية مها التي تجسدها الوجه الجديد غفران محمد والتي تحب رزق الشقيق الأصغر في عائلة أبو جبل والتي يرفض أبيها تزويجها له ويرسل بعض مع رجاله ليضربوه.

حتى الآن يحافظ الكاتب على الخط البوليسي الموجود على خلفية الأحداث وهو البحث عن لغز جريمة حرق منزل حسن وسرقة الأموال منه ، لكن يلام عليه أن يتناساه لمدة حلقة أو حلقتين كاملتين دون أن يذكره أو يشير إلى تطوره ، لكن يحسب له للغاية الغموض الشديد الذي يحيط بهوية القاتل ، مستبعد من وجهة نظري أن يكون وجيه أبو اليزيد رغم كل الشر الذي يضمره لعائلة أبو جبل هو وإبنته رحاب ، ومستبعد أيضاً أن يكون سعد أو حتى المتهم الوحيد في القضية شعبان وإن كنت بدأت أن أشك أنه سيكون حسن نفسه هو من أحرق بيته وأخفى الأموال لسبب سوف تظهره لنا الحلقات القادمة.

على مستوى التمثيل هناك تطور ملحوظ في أداء دياب لشخصية سعد عن الحلقات الأولى ، وتمكن بمهارة من الإمساك بكل جوانب الشخصية وإظهارها ونجح في وجود تباين وإختلاف تام بينها وبين شخصية منصور التي أداها في أيوب العام الماضي. محمد علي رزق أيضاً يؤدي ببراعة ملحوظة دور الشقيق المتردد الحائر ضعيف الشخصية الذي يحب فتاة ولا يقدر على الزواج منها وتحدي أهلها ولا يقدر حتى على مواجهة ظلم شقيقه سعد لأخيهم الأكبر حسن.

مريم حسن تقدم دوراً مختلفاً عليها تماماً والحقيقة أن ما شاهدته لها حتى الآن يحسب لها للغاية وتطور أيضاً أداءها عن الحلقات الأولى . هناك من الممثلون من لم يستطيعا حتى الآن تجاوز نمطية أداءهم وأدوارهم على رأسهم محمود البزاوي ثم نجلاء بدر ، أداء لا يحسب لهم ويشبه ما قدموه في اعمال سابقة ، أيضاً أحمد حبشي في دور شعبان لم يأتي بجديد ويقدم تقريباً نفس أداءه في (أيوب) في تكرار واضح وغير مفهوم ، حتى أنه لم يغير في الشكل الخارجي للشخصيتين.

تلخيصاً ومع إقتراب الثلث الأخير من حلقات أبو جبل فهو حتى الآن نجح في كسر توقعات كثيرة على مستوى تطور الشخصيات والأحداث ونمطية الأدوار ، وأهم نجاح يحسب له في رأيي هو قدرته أن يكون تجربة مختلفة تماماً وليس لهاعلاقة بمسلسل (أيوب) حتى لو كان بنفس صناعه الأساسيين.

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!