نقد سينمائي

رغم عيوب السيناريو .. الممر .. ممر جديد في طريق الأفلام الحربية

في سبتمبر الماضي اعلن المخرج الكبير شريف عرفه والمنتج هشام عبد الخالق عن البدء في تصوير فيلمهما الجديد (الممر) والذي تحكي قصته عن مهمة لإحدى كتائب الجيش المصري أثناء حرب الاستنزاف ولم يتم الإعلان عن أكثر من ذلك فيما يخص قصة الفيلم وشخصياته ، وفي خلال الأيام التي تلت بدء التصوير كان يتم الإعلان تدريجيا عن باقي أبطال الفيلم إلى أن اكتملت المجموعة والتي تضم أحمد فلوكس، أحمد صلاح حسني ، محمد فراج ، أحمد رزق ، محمود حافظ ، محمد جمعة ، أسماء أبو اليزيد ، أمير صلاح الدين ، محمد الشرنوبي.

يقدم شريف عرفة نفسه لأول مرة في تاريخه كمؤلف إذ قام بكتابة قصة وسيناريو الفيلم بالكامل وشاركه الشاعر امير طعمية كتابة الحوار.

أحداث السيناريو كان هناك الكثير منها متوقع إلى حد كبير وكان هناك عدم توفيق في رسم العديد من الشخصيات التي وقعت في فخ النمطية الشديدة مثل شخصية هلال التي جسدها محمد فراج وشخصية عامر التي جسدها أمير صلاح الدين ، إذ لم يتم تقديم خلفيات كافية عن شخصياتهم ولا مبرر أفعالهم وذلك رغم اجتهاد فراج وامير الواضح في تجسيد أدوارهم. أفضل خط درامي تم تقديمه في الفيلم هو الذي جمع بين اياد نصار في دور قائد المعسكر الإسرائيلي وأحمد فلوكس في دور أحد أسرى الجيش المصري الذي سقطوا عقب النكسة ، أداء استثنائي وملفت للغاية من الاثنين في دورين سيحسبان لهما كثيرا والمشاهد التي جمعتهم كلها تعد من اجمل مشاهد الفيلم في رأيي . ممثل آخر يجب الاشارة إلى قوة أداءه هو محمد جمعة الذي جسد دور أبو رجيبة الدليل البدوي للكتيبة ، والذي يتورط معهم مع الوقت ويتم القبض عليه بسببهم وجمعة صاحب واحد من أجمل مشاهد نهايات الفيلم الذي أصر فيه على البقاء في سيناء عقب إنتصار الكتيبة وله مشهد غاية في الروعة عندما يقع ف آسر الإسرائيليون. أسماء أبو اليزيد رغم صغر مساحة دورها ألا أنها تمكنت من تقديمه بأفضل شكل ممكن كعادتها واثبتت أن المكانة التي وصلت إليها بين نجوم جيلها ليست من فراغ.

أيضا من الوجوه الشابة التي يجب الاشاره إليها في الفيلم هي الفنانة الحان المهدي التي لعبت دور خطيبة محمد الشرنوبي وهي أيضا صاحبة واحد من أفضل مشاهد الفيلم وهو الذي يترك لها فيه خطيبها الدبلة بسبب شعوره بالخيبة عقب النكسة.

محمود حافظ أيضا لعب دور جديدا عليه واداه بتمكن رغم نمطيته ، وفتح له شريف عرفة ولاحمد رزق مساحة لإضفاء صبغة كوميدية خففت قليلا من توتر الأحداث.

قبل دخولي الفيلم سمعت بعض الآراء التي تقول أن به جرعة خطابة وشعارات مملة ومكررة والحقيقة أن الحوار فعلا به بعض الجمل الخطابية ولكن في رأيي أنها كانت موظفة بداخل الأحداث ولم تكن مقحمة كما قيل. يحسب للسيناريو حرصه على تقديم ثلاثة فصول واضحين للقصة ولكن يلام عليه بشدة عدم وجود توازن بين مدة كل فصل ، الفصل الأول الذي يمثل مقدمة الأحداث كان أطول من اللازم ورغم ذلك تم التركيز فيه على معاناة البطل نور وتم إهمال تقديم باقي الشخصيات وأخذ الفيلم وقت طويل حتى بدأت مهمة الأبطال. الفصل الثالث أيضا كان أطول من اللازم والذي بدأ عقب إتمام الأبطال للمهمة وحدث اسهاب في تقديم المعركة الأخيرة بشكل زائد في رأيي لم يكن الفيلم بحاجة إليه.

بطل الفيلم الأول بالطبع هو مخرجه شريف عرفة والذي يثبت فيلما تلو الآخر أنه يستحق المكانة التي وصل إليها بين المخرجين المصريين ويعتبر الممر الفيلم رقم 25 في مسيرته السينمائية الحافلة و الممتدة منذ عام 1987 الذي قدم فيه أول أفلامه (الأقزام قادمون). نجح شريف عرفة في تصميم العديد من الشخصيات على مستوى السيناريو على رأسهم شخصيات اياد نصار وأحمد فلوكس ومحمد جمعة واسماء أبو اليزيد ، كما نجح في تقديم مشاهد المعارك والاشتباكات الحربية بشكل لم يقدم من قبل في تاريخ السينما المصرية وأعتقد أن هذا الفيلم يعد فتحا جديدا في تاريخ الأفلام الحربية في مصر وسيكون صعبا على أي فيلم حربي آخر ان يتجاوز مستواه التقني العالي.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!