مقالات

مناسك الحج تلخيصًا رمزيًا لنواميس هذا الكون


تلك الجملة مبتورة من حوار للدكتور مصطفي محمود في حوار له مع أحد الملحدين عندما طرح الملحد سؤالا:

هل مناسك الحج وثنية ؟
من كتاب / حوار مع صديقي الملحد
حينها كتب الدكتور العلّامة مصطفى محمود مقالًا بعنوان “هل مناسك الحج وثنية ؟”
والذي جاوب فيه الدكتور بكل عقل ومنطق متصديًا لتلك الفتنة بكل الحجج العقلية وناقش الفكر بالفكره.

ونظرا لما نمر به من فتن في هذا الزمان ، فتن تضرب في أصول عقيدتنا قد يتطرق هذا السؤال بخبث لعقولنا ، فنجد أنفسنا قد عقدنا المقارنة واستخرجنا أوجه التشابه بين مناسك الحج وبين طقوس العبادة الوثنية وتقديسها للحجارة أيضا ، بداية من الطواف حول البيت الحرام وكونه حجر وما أشبه ذلك بتقديس الأصنام التي كونها بالأصل حجارة مرورا برجم الشيطان والهرولة بين الصفا والمروة وتقبيل الحجر الإسود ولبس الإحرام بشروطه وكيفيته وقصة السبع طوفات والسبع رجمات وعلاقة ذلك بخرافة الأرقام الطلمسية في الشعوذات القديمة…
فيأتي رد الدكتور الجليل مصطفى محمود ليفتت أقاويل الباطل وافتراءات الفكر وعلمانية الواقع بالكلام الحق بِحُجة الإقناع لمن أراد إعمال الفكر في أمور خاصة بالعقيدة…

فأجاب قائلا: إن قوانين المادة التي درسنها إن الأصغر يطوف حول الأكبر بدءًا من الإلكترون في الذرة الذي يدور حول النواة مرورًا بالقمر الذي يدور حول الأرض ، والأرض حول الشمس والشمس حول المجرة والمجرة حول مجرة أكبر إلى أن نصل إلى الأكبر مطلقًا وهو الله أكبر الذي نناديه ونعظمه في تلك الشعائر..

وأنت تطوف يوميا بدون إرادتك في كون لا يعرف الثبات في شئ فأنت طوال الوقت في طواف رغمًا عن أنفك لأنه سنة كونية، أما في الحج فنحن نطوف باختيارنا قاصدين الوجهة التي نبتغيها ، نطوف لوجه المولى قاصدين إرضاءه وتعظيمه وبإرادته و توفيقه.

أما عن رجم الشيطان وما تلقوا به باللوم علينا لأننا نقذفه بالحجارة ، فهو نصب حجري يرمز للشيطان ، فما القول عن النصب الحجري الذي يرمز للجندي المجهول ونذهب إليه لوضع باقات الورود عليه…
رحلة الصفا والمروة هي رحلة رمزية عن رحلتك منذ ولادتك إلى وفاتك ، ف”الصفا” يعني الخواء أو الفراغ رمز للعدم ، و”المروة” هي النبع الذي يرمز إلى الحياة والوجود…

أليس في هذا السعي رمز للحركة البندولية لكل المخلوقات وناموس الكون في الوجود…

ورقم سبعة وما يحمله هذا الرقم من أسرار ليست في العقيدة وحسب بل في ناموس الكون فالسلم الموسيقي سبع درجات ، ألوان الطيف سبع ألوان ، الجنين يكتمل نموه بالشعر السابع في بطن أمه ، وأيام الإسبوع سبعة..

وأما عن تقبيل الحجر الأسود الذي حمله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في ثوبه وقبله فنحن لا نتجه بمناسك العبادة نحو الحجارة ذاتها وإنما نحو المعاني العميقة والرموز الحقيقية..

وثوب الإحرام الذي هو رمز للتجرد من زينة الدنيا وأشبه بالكفن فأنت في رحلة أشبه برحلتك الأخيرة ، أشبه بحالة الميت الذي ترك وراءها أهله وماله وتجرد من زينته ومتاعه وملكه وسلطانه ووقف بين يدي الخالق..

ألا ترى في مناسك الحج تلخيصًا رمزيًا عميقًا لكل أسرار ونواميس هذا الكون!

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!