نقد سينمائي

“صاحب المقام” فكرة ممتازة وطريقة تناولها أساءت إليها

رغم كثرة اللغط حول ذلك الفيلم وحالة الانقسام بين معجب ومنتقد ، إلا إنه يتربع حول تقديم فكرة حلوة فقدت بريقها بسبب طريقة تناولها.


تكاد تكون فكرة فيلم “صاحب المقام” واضحة المعالم مستساغة المعاني إلا إن طريقة التناول لم تخدمها، فتناول الفيلم من خلال دور “آسر يس” الذي يقدم دور الشخصية المتعجرفة الأنانية التي لا ترى إلا ذاتها مهتمة فقط بحياتها العملية وعقد الصفقات مبتور المشاعر مزهو بنفسه فرح بحياته مترف بالنعمة متغافلًا عن المُنعم، مستمتع بالفضل ونسى صاحب الفضل ، انشغل بحياته العملية على حساب اهتمامه بحياته الأسرية وحقوق زوجته ، علاقته بربه مبتورة، حال كثير منا غرته الأماني وكثرة المال وعمر الشباب وجني النجاحات وطول الأمل بالحياة فاعتقدوا أن الدنيا دار بقاء وأنها نهاية المطاف.


ثم انتقلت أحداث الفيلم لتظهر لك ما آلت إليه تلك الشخصية من تعجرف أدى بها إلي هدم مقام ولي ، وبعيدا عن وجهة النظر الدينية حول المعني الحقيقي لأولياء الله الصالحين وكرامتهم والرأي الشرعي حول مقام الأولياء بصفة خاصة أو حول حرمة القبور بصفة عامة، فقد تم تناولها بشكل غير مؤثر وغير واضح المعالم فلا تعرف كمشاهد أهو يقصد تلك الروحانيات و الرسائل الربانية التي ترسل إلينا ليلًا ونهارًا وكلا علي حسب درجة استقباله وحالة شبكة الاتصال لديه، فكم من مستوعب غيرت تلك الرسائل مجرى حياته ولنا في كثير من قصص مشاهير تكلموا عن تلك الحالة وتأثيرها في مستقبلهم (على سبيل المثال شمس البارودي) ، أم هو يتناول فكرة “الولي” بين معناه الحقيقي وبين ما يحاط به من أساطير وخزعبلات فقد تاه الغرض الأساسي بسبب طريقة التناول.


ثم ننتقل لدور الفنانة القديرة “يسرا” والذي كان من المفترض أن يكون علامة فارقة بالفيلم كما كان يحدث عندما يحل “فريد شوقي” ضيف شرف بفيلم ل”عادل إمام”، لكن الدور خذلها أمام جمهورها فكان غير واضح المعالم هل هي شخصية حقيقية أم هي صوت الضمير أم هي روح طيبة توجه آسر يس ، فدورها استفز المشاهد فلا ندري كيف كانت شخصية آسر يس بالفيلم مستوعبة التعامل معها هل على إنها ممرضة زوجته أم على إنها فرد أمن بالمستشفى أم هي عاملة نظافة أم طبيبة أم إنها مديرة المستشفى في إحدي مشاهدها، فضاعت السمة الأساسية للدور هل هو يقدم في إطار شخصية حقيقية ناصحة أم هو دور روحاني؟!
ألم يكن من الأولى أن يكون الدور مبهم وغامض كجعهلها مجذوبة مثلا تبث الرسائل أو مريضة توفت بالمستشفى ينكشف حقيقتها في نهاية الفيلم كما حدث في دور “محمود حميدة” في فيلم “أحمد حلمي” “أسف على الازعاج”.
فبدلا من أن يُستغل دور “يسرا” لصالح الفيلم وإضافة لتاريخها استُخدِم ضدها وضد الفيلم.


وحقيقةً أنا أرى أن أجمل ما في الفيلم هو آداء آسر يس ، وتركيز المخرج علي إظهار تلك الشخصية مبتورة المشاعر وذاك الرجل الذي فقد بريق رجولته بسبب انشغاله بحاله فقط فصار لا يرى مسؤلياته وكان هذا واضحًا جليًا في مشهد طلب فيه آسر يس من زوجته أمينة خليل النزول من سيارته هي وابنهما وتذهب للمنزل ب أوبر.
ثم جاء مشهد موجه بطريقة لطيفة حينما ركز المخرج على علامة في الشارع بجوار آسر يس عندما ترك سيارته لزوجته بعد خلافه معاها مكتوب عليها “احذر”

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!