قصص

الحافلة وأشياء أخرى

كتبها: محمد الأشول

“تتزايد سرعة الحافلة على الطريق الفارغ”.
أي واحدة؟
هناك حافلتين؟
اللعنة لقد تقدم بي السن فعلًا لدرجة أنني لا الاحظ أشياءًا كتلك
حسنًا إذن إنها الزرقاء
كلتاهما زرقاء؟
إذن ماهو الاختلاف!
انها التسمية، بالطبع
إحداهما كُتِب عليها المصريين والأخرى كتب عليها الأهرام
شيئان متشابهان جدًا لكن يفيان بالغرض
حسنًا إذًا قصتنا ستبدأ في الحافلة الأولى المصريين
في هذه الحافلة جلس ذلك الفتى الشاب أسود العينين والشعر أبيض البشرة يطالع كتابًا ما
وفي داخل الكتاب ورقة صغيرة كتب فيها
معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام2022
يبدو أنهم يتجهون لمعرض الكتاب هذا واضح بلا شك أغلق الشاب الكتاب في حين ساله الراكب بجواره: لماذا أتيت للمعرض هذا العام؟

إنها تجربتي الروائية الأولى، حققت حلمي أخيرًا

مبارك لك، أتمني لك كل التوفيق، لا تنسانا في نسخة مجانية

نعم بالطبع، قالها الفتى بلا مبالاة وأكمل مطالعة كتابه
لماذا لا ينظر من نافذة الحافلة ويشاهد معالم الطريق؟
لأكون صريحًا معك، الطريق لا يحوي أي شيء يمكنك مراقبته، إنه الأسفلت في كل مكان لا أكثر ومع انتهاء الأسفلت هنالك الرمال، لقد أقترب إنه يحفظ الطريق عن ظهر قلب كأنما ولد هناك
وصل أخيرًا، ترجل من الحافلة وهو يسمي الله
دفع ثمن تذكرة الدخول، وتنفس الصعداء وخطى إلى الداخل، معرض الكتاب، المكان مزدحم لكنه رائع، كورونا؟ لم يختف بعد مازال في الأجزاء ، ولكن كما يقول الجميع يجب على البشر التعايش مع فيروس قاتل كهذا، وهكذا توجه صاحبنا إلى دور النشر المختلفة ليشتري ما يريده وفي النهاية سيتوجه لدار نشر (.) لأنه وبكل بساطة صاحبنا لديه حفلة توقيع لروايته الجديدة الأولى في الحقيقة.


والآن ننظر في الحافلة الأخرى، حيث تجلس فتاة غاية في الجمال شاردة تفكر في اللا شيء
تنظر عبر النافذة، إنها تقترب، تعرف هذا الطريق وتحفظه حفظًا عن ظهر قلب هي الأخرى
إنها سعيدة لا بدَّ أنها كذلك، مجموعتها القصصية الأولى ستظهر للقراء جميعًا اليوم
لقد أنتظرت هذا اليوم طويلًا وها قد آتي أخيرًا
وصلت الحافلة أخيرًا، تخطو أولى خطواتها داخل أرض المعرض، لا وقت للخوف أو القلق، الوقت وقت تحقيق أحلام


أشترى كل الكتب التي أرادها والتي لم يردها كذلك كم هو ممتع هذا الشعور، أن تكون مهووسًا بالكتب، بالحبر، بالأوراق أن تنفق كل ما تملك على الكتب وأن تعيش بينها، اللعنة إنه لشعور رائع
والآن يتوجه إلى القاعة المجاورة ليري حلمه، يمسكه بيديه ويتحسسه، يشعر أنه أنجز شيئًا ما أخيرًا، انتصر انتصارًا واحدًا في حياته
حسبما تقول خريطة المعرض فهو الآن في المكان الصحيح، تظهر لافتة لترشده (دار.) للنشر والتوزيع
رآه صاحب الدار، قام من مكانه وصافحه وهو يقول: كاتبنا الأصغر مرحبًا بك
أبتسم مجاملة وقال: أين هي؟
أشار له صاحب الدار وقال: إبنتك الأولى، ها هي هناك
رأي روايته فأبتسم، وسقطت من عينه دموع كثيرة، لا بدَّ أنها دموع الفرحة
والآن ليستعد لحفلة التوقيع.


أشترت الكثير والكثير من الكتب، إنها سعيدة بكل تلك الأموال التي كانت معها وفي لحظة واحدة تحولت لكتب تدب فيها الحياة
إنها مهووسة كذلك، يسميها أصحابها دودة الكتب وهي كذلك فعلًا
والآن تقترب من دار النشر المميزة، تلك الدار التي تعتبرها بيتًا وأسرة قبل كونهم مجرد كُتاب شباب، دخلت جناح الدار، نظرت للكتب على الرفوف، وأمسكت مجموعتها الأولي وأحتضنتها، كأنها أبنتها الأولى، حلمها أخيرًا أصبح حقيقة
والآن لتستعد لحفلة التوقيع.


كان يومًا شاقًا على صاحبنا أخيرًا وللأسف أنتهى، صحيح لم يشتر روايته قُراء كثيرون لكنه سعيد والآن فليودع هذا المكان المحبب للنفس، إنها زيارة لن تتكرر إنه يعرف هذا جيدًا أخبره الطبيب بهذا، أخبره أن المرض ينتشر وأنه لم يتبق له الكثير لذلك توقف عن أستعمال الأدوية الكيماوية إن أمر الله نافذ مهما حدث وهو لا يريد معاناة فليمت في هدوء.


كان يومًا شاقًا عليها، فتاة برقتها لن تحتمل هذا الزحام، صحيح أن الزحام لم يكن لها، والزحام الذي كان لها لم يكن كثيرًا لكنها أحبته
والآن عليها الرحيل، عليها ترك هذا المكان الحبيب، لا بدَّ من زيارة العام القادم، لا بدَّ.


ركب الحافلة مبتسمًا وحيا الجميع ودعا الله أن يكون ذلك الراكب السمج قد غير مكانه والحمد لله لقد غير مكانه فعلًا وأصبحت مكانه فتاة فائقة الجمال، لن يتردد في أعطائها نسخة بالطبع ولكن لحظة إنها يعرف هذا العطر جيدًا لا يمكنه أن يخطأه أبدًا، لا بدَّ أنها هي


قالت في استنكار دون أن تنظر إليه: لو سمحت هذا ليس مكانك، ونظرت له فجأة ونظر لها في نفس اللحظة
قال: داليا؟
قالت: أحمد؟


أخذا بضع ثوانٍ حتى فهما ما يحدث، الحبيبان يلتقيان بعد سنين، إنها لقصة خيالية مُحكمة
سالها: داليا ما الذي أتى بك إلى هنا؟

نُشرت مجموعتي القصصية اليوم لقد حققت حلمي يا أحمد

وأنا كذلك، نُشرت روايتي الأولى اليوم هل تصدقين هذا؟

أنا سعيدة لكلينا، لن تتخيل كما أنا سعيدة

إذًا بما أنك هنا، ما رأيك في هدية صغيرة؟

كتاب؟

بالطبع

حسنًا لك واحد كذلك أنتظر
أمسك كل منهما عمله الخاص وكتبا في ذات الوقت: إهداء خاص لكل ذكرى جميلة وكل وقت قضيناه معًا
كتبت الفتاة: توقيع صديقتك الكاتبة داليا
بينما كتب الفتي: توقيع صديقك القديم الكاتب أحمد
ولم ينسي كل واحد منهم أن ينهي إهدائه برقم هاتفه حركات صبيانية لكنها تفلح دومًا
قال أحمد: ولكن لحظة معني هذا أنني في الحافلة الخطأ؟

نعم أنت كذلك
أحتضنها فجأة وقال: سأشتاق لك

وأنا كذلك

هل هو الوداع؟

ستخبرك المجموعة القصصية، أقرأها بتمعن خصوصًا الصفحات الأولى

وأنت كذلك أحتفظي بأول صفحة

أحبك بجنون

أعشقك بلا توقف
قال الفتي بصوت عالٍ: لو سمحت يا (أسطى) أنا في الحافلة الخطأ
توقف السائق وهو يلعن المساطيل جميعًا وقفز أحمد من الحافلة راجعًا إلى حافلته الأصلية
ووصلها أخيرًا بعد عدة دقائق وأستقر مكانه أخيرًا
أمسك برواية داليا وفتح صفحتها الأولى، بالطبع كتبت رقم هاتفها، مأزالت تحبه كان متأكدًا من هذا وها هو دليله
والآن لينم قليلًا، هل هو النوم أم الموت؟
لا يدري، إن جفونه تتراخى بهدوء
وفي تلك اللحظات كان هاتفه يرن برسائلها
أحمد، أوحشتني، أرجوك لا تبتعد عني، إنني أحبك.
تمت

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *