زمن الفن الجميل

حلوة البدايات بين “الأستاذ” و”صدفة هانم”

(حلوة البدايات.. كلها حكايات) كما غنى المتألق “عمرو دياب” ، ما أجمل البدايات وأجمل قصص ولادة المشاعر وطعم تلك الأيام التي تبقى محفورة دائما في الذكريات مهما فترت المشاعر أو انحنت لاتجاه آخر نحو مشاعر الود والسكينة مثلا أو الاحترام ، لكن تظل البدايات عالقة بالوجدان يتحاكى بها الطرفان ، كأنها في الأمس القريب مهما مر عليها زمان..

وهذا ما حدث مع عملاقين من عمالقة الفن أحدهما ملك المسرح “فؤاد المهندس” و الأخرى جميلة الجميلات “شويكار”، جمعتهما قصة حب تحاكت بها أفلامهم وتغنت بها مسرحياتهم ، علاقة حب كللت بزواج دام لمدة ٢٠ عام ثم حدث الانفصال، ولكن رغم الانفصال ظل هو حب عمرها وظلت هي حبه الأول والأخير..

و بمناسبة مرور ١٤ عام عن رحيل أيقونة الضحك سنتعرف على كواليس أول لقاء جمعهما كما رواها الطرفان، ونستمع لأجمل الذكريات وكأنها مشهد سينمائي ،أو رواية من الروايات..

قالت “شويكار” في آخر حوارتها الصحفية:
“رشحني الأستاذ بدير لبطولة مسرحية السكرتير الفني أمامه ، لكني فوجئت بأنه اعتذر عن المسرحية بسبب ظروف سفر مفاجئ طرأ له.”
وقد قال “فؤاد المهندس” في إحدى مقابلاته التلفزيونية عن تلك اللقطة :
“كانت رواية السكرتير الفني ستقدم على مسرح الدولة ، وكانت أول تجربة إخراج مسرحي “لعبد المنعم مدبولي” ، فهو من رشحني للدور بعد اعتذار سيد بدير. “
” حينها سألته من ستقوم أمامي بدور البطولة ، ذكر لي إنها فتاة جميلة وجديدة بالوسط الفني تدعي شويكار.”

و بسماع الرواية من الطرفين سنشعر أن كلاهما كان متخوفًا من فكرة الوقوف أو التمثيل أمام الآخر ، فكلا منهم كان يجهل القدرات التمثيلية لدى الآخر ، حيث ذكرت ” شويكار” إنها كانت لا تعلم عن” فؤاد المهندس” سوى إسمه من البرنامج الإذاعي ساعة لقلبك، وكذلك” فؤاد المهندس” أيضا لم يكن رأى أي عمل سابق ل ” شويكار” ، فكلاهما لم يكن متحمس للوقوف أمام الآخر.

حتى أن “شويكار” فكرت بالانسحاب من المسرحية وخاصة بعد أول لقاء جمعها مع (الأستاذ) حيث قالت:
“كانت أول مرة آراه فيها حين جاء للتعرف على طاقم العمل ، فدخل ولم يسلم على أحد بالإيد واكتفى بإلقاء التحية شفهيا، بالإضافة إلى مظهره الجاد جدا ، مما أثار بداخلي سؤال أهذا الشخص هو من سيقوم بإضحاك الجمهور!! “
وأيضا رأي فؤاد المهندس كيف هذا الوجه الأرستقراطي الجميل وهذا القوام الممشوق سيؤدي دور كوميدي ، ومن الواضح أن كلاهما أجزم بإخفاق الآخر.

لكن من الواضح أن تلك المشاعر تبدلت بعد البروفات والعمل والسفر لعرض المسرحية في أكثر من محافظة حتى قال “فؤاد المهندس” :
” وجدتها بعد نهاية العرض ، تدخل على حجرتي ممسكة بيديها أتوجراف لأمضي لها فيه ، وحينها سألتها لماذا؟ فهي بطلة عمل مثلها مثلي لكنها قالت: لأني لم أرى أحد يجسد الأدوار مثلك ، فمضيت لها كما أحبت”
وهو أيضا لم يتردد لحظة عندما عرض عليه إسمها لتقف أمامه مرة أخرى كما سنعرف فيما بعد.

فقد جمعتهم القصص و الحكايات طوال فصول المسرحية وأثناء عرض المسرحية إلى أن ذهب كل طرف في طريق بعد انتهاء العرض..

لكن القسمة والنصيب لها رأي آخر فقد رشحها عبد المنعم مدبولي لفؤاد المهندس مرة أخرى في مسرحيته “أنا وهو وهي” وحينها لم يتردد المهندس لوهلة.
وكانت أول شرارة حب ، حيث اتفقا الإثنان في سرد رواية لحظة أول اعتراف بالحب بينهما حيث ذكرا كلاهما على انفراد أنه كان مشهد من مسرحية (أنا وهو وهي) ، كانا فيه مستلقيان على الأرض حيث قال
فؤاد المهندس” لها
تتجوزيني ياشوشو ، فضحكت هي وخرجت عن النص وقالت :إنت لسة جاي تقولها دلوقتي يا فوفو “

وكللت بعد تلك اللحظة علاقة الحب بالزواج وكان” فؤاد المهندس” وقتها متزوج من أم أولاده التي رعاها حتى وافتها المنية ..

كم يحمل الإنسان بداخله مشاعر مركبة و معقدة وخاصة فيما يخص العلاقات الانسانية والعاطفية.. قد تربطك عواطف جياشة بشخص ولكن هذا لا يعني أنك لا تكن هناك لطرف آخر معاني أسمى وأرقى.. أحيانا قد تظلم وأنت في نفس ذات الوقت تكون مظلوم.. لكنها مسألة اختيارات فيها تقرر من ستختار لتكمل معه المشوار

وإهداءا مني لروح الفقيدة رسمت لها صورة لأن الفراق ليس بالجسد.. رحم الله الثنائي الذي أمتعنا بأجمل الأعمال.

جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by Mohamed Hamed
error: Content is protected !!