ياسمين رزق.
الخطاب الثالث والعشرون بعد المائة “والأخير”، إليكَ يا أنت، وسامحني إن كنت أكتب لك “أنت” عوضًا عن “عزيزي” التي اعتدتُ عليها مني، لقد جفّ حبر قلبي وأصبحتْ أصابعي تؤلمني من حواف القلم القاسية، كل الخطابات السابقة كانت حزينة للغاية، إني أعترف.
لكنه الخطاب الوحيد الذي أضمن فيه رقص النقاط على الحروف من فرطِ السعادة، إنه الخطاب الوحيد الذي أكتبهُ لتوثيق اللحظة، لا لتقرأه أنت كالعادة.
اترك لي في البداية المساحة التي تجعلني أرسم ليالي سهدي ولوعتي في اشتياقُك، أخط عِبارات الألم وعَبارات التضرع كل ليلة لأجلك ومن أجلك، لأجل رُمقةٍ منك، همسة، لمسة، أو حتى التفاتة بدون قصد، أَعلم أن قلبَكَ ما كان ليتجرأ ويغادرني بعدها، كان ليتمرد عليك ويأتي بك إليّ جرًا، تصالحني وتواعدني، كنتَ ستهشم وعودك ذات سحابة غاضبة تمر بيننا يومًا فتُلقي ببعض شذراتها على قلبك، لكني سألتمس لكَ عذرًا.
الألمُ الذي سببتهُ لي عيناكَ كان أعظم من بضعِ قطرات يسقطون فيخمدوا نيران قلبي، لقد أحببتكُ وكان لابد لي من الثأر، كان لابد من اختطافِ قلبك كما فعلتْ، أَعلم كذلك أن لا يد لكَ في ما حدث، لكنه حدث وكنتَ الطرف.
اليوم لن أبكي، سأضحك بملئ قلبي وسأضاحكك، اليوم فُزتُ، لن أقبل بمجرد همسةٍ بل سأدفن جسدي فيكَ، ولن أقبل بالتفاتة بسيطة بل سأخترق بؤبؤ عينيك.
اليوم أنتَ في بيتي، تجلس مع والدي تحتسيان كوبا الشاي، متوترٌ أنت فلقد صرختْ أصابعك من كثرة “الطرقعة “، واشتكت مفاصل رجليك من شدة الهز، مظهركَ كان يثير الشفقة والضحك معًا، أردتُ لو أخرج فأضع يدي خلف ظهرك وأطمئنك، لا شيء يدعو للقلق، أنا وأحبك وأبي ويحبني فلمَ الخوف!.
دقائق فقط وسأكون بجوارك، لا، سأجلس بمقابلتك كي أستطيع رؤيتك جيدًا، سنتحدث وستخبرني عنك، سأتركك تُكمل كي يطرب قلبي أكثر بلحن صوتك لا لأفهم ما تقول لأني بالفعل على درايةٍ به، ستخبرني أنني لطيفةٌ للغاية، سأخجلُ منك ولن أبادلك المجاملة، وبعد دقائق سترحل من بيتي لكنك لن ترحل مني.
بعد اليوم لن يكون هناك خطابات تُحجز في آخر الدرج ولا دموع تسيل وينتهي بها المطاف إلى الهاوية، بعد اليوم سيكون هناك أنتَ وأنا وأعيننا التي ستتحدث، لن أسمح للحزن بطرقِ بابنا ولن أترك للدموع أعيننا، فقط السعادة، ستكون السعادة هي مأوانا والحب هو مشربنا وستُخط على القلوب من جديد قصة عشق.
