بقلم الدكتور / كرم علام
مع تطور التكنولوجيا وانتشار ثقافة التسوق عبر الإنترنت انتشرت بشكل مصاحب لها ظاهرة مقارنة الإسعار في كل شيء الي حد أن أصبح هناك مواقع متخصصة لمقارنة الأسعار في الفنادق وتذاكر الطيران والقطارات في أوربا مثلا، ثم أصبحت العروض والتخفيضات مظاهر متكررة في عمليات التسويق ومقارنة الأسعار إحدي بديهيات البحث والتسوق، لكن تناول الناس لمفهوم التخفيضات ومقارنة الأسعار يختلف من بلد إلي بلد ومن ثقافة إلي ثقافة.
في امريكا مثلا تتوالي التخفيضات علي أجهزة الكمبيوتر في كل المناسبات لكن شركة أبل لا تشارك في اوكازيونات التخفيضات المتكررة وتبقي فارق سعر ملحوظ أعلي من منافسيها تبرره بفارق جودة وخدمة ما بعد البيع.
في الغرب تجري ثقافة المقارنة علي الساعة الواحدة ذات المواصفات الثابتة والمصدر الواحد، والباحث ينتبه إلي فوارق الجودة حين يبحث عن فروق الأسعار وحين يشتري زجاجة عطر من موقع عبر الإنترنت يدرك مخاطرة أن تكون أقل جودة من مثيلتها في متجر العطور الأصلي وأنه يقايض بفارق السعر علي فارق المصداقية.
وحين تتم مقارنة أسعار مختلفة لخدمة أو سلعة يقوم طالب الخدمة بالبحث أولا في تفاصيل الخدمة المقدمة وما يفسر فوارق التكلفة، فهو حين يرغب في شراء سيارة لا يمكنه أن يتهم شركة مرسيدس بالجشع لمجرد أن أسعار سياراتهم أغلي من تويوتا وكلاهما سيارة.
المواطن يعلم أن هناك ميكانيكي أعلي اجرا من ميكانيكي آخر وخبراء تنمية بشرية أسعارهم متفاوتة وكذلك المدرسين وكل المهن بما فيها الخدمة الصحية، وحين يعلم أن جراحة المفصل في مستشفي معين تفوق تكلفتها ضعف تكلفة نفس العملية في مستشفي اخر علي بعد مائة متر منها هو يدرس جيدا ويعلم فوارق الخدمات ويختار طبقا لاحتياجاته وامكاناته لكن عن بصيرة.
لكن بعض الشعوب والثقافات تتعامل مع الخدمة الصحية كتعاملها مع ملابس الأطفال والمخبوزات البيتي المعروضة علي الإنترنت ويكون سؤالها الأوحد والأهم دائما “بكام؟” ويطرح هذا السؤال عادة حتي بدون عرض ومناظرة الحالة المرضية وفحصها من قبل الطبيب المختص ومناقشة تفاصيلها وخطة العلاج واحتمالات الشفاء معه والبحث قبل ذلك عن كفائته وتدريبه ومؤهلاته فيما يخص هذا العمل، أصبح معيار ال “بكام؟” هو المعيار الوحيد لمقارنة الخدمات الصحية لدي الطوافون علي فكرة الشوبنج الطبي في مواقع الانترنت المختلفة.
الإنسان كائن فريد ولكل مريض خصوصية واختلافات تشريحية ووظيفية ونفسية ومطالب وتطلعات تحتاج الي تقييم ومناقشة وتوافق مع الطبيب المعالج قبل البحث في التسعيرة ومقارنتها من خلال ال أونلاين شوبنج، لأن المنتج النهائي للعملية العلاجية مرتبط بمدخلات كثيرة تعتمد علي عناصر الجودة في كل تفاصيلها من مكان وأدوات وفريق طبي مؤهل ومدرب بشكل علمي ولديه الخبرة الكافية بصور متفاوتة لا يمكن اختزال أوجه المقارنة بينها إلي التسعيرة فقط.
