مقالات

تذكير تسلية لكل من أصيب بالهم

كتب: أنور عمارة

إنَّ حاجةَ المسلم إلى ربه دائمة فهو سبحانه الرزاق ذو القوة المتين، وما يصيب العباد من النعماء والخيرِ فبفضله ولا يمسهم شيء من الأذى والعنت إلا بعلمه وحكمته، ولا يرفع إلا بإذنه ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾.

ولا غنى للمسلمِ عن الضراعة واللجوء إلى خالقه في كلِّ حال وفي كل زمان، دعاء الله وسؤاله والتضرع إليه وتفويض الأمر له أمان الخائفين وملجأُ المضطرِّين وسلوة المناجين ..
قال تعالى ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾.

إن من أعظم أسباب دفع البلاء تضرع العبد لربه جل وعلا كما بيّن الله في كتابه الكريم ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .

قال ابن كثير رحمه الله :
( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ ) يعني : الفقر والضيق في العيش ( وَالضَّرَّاءِ ) وهي الأمراض والأسقام والآلام
( لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ) أي: يدعون الله ويتضرعون إليه ويخشعون.

قال الله تعالى ( فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا )
أي : فهلا إذ ابتليناهم بذلك تضرعوا إلينا وتمسكنوا إلينا ( وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ )
تفسير ابن كثير.

اعلم اخي؛ إنَّ مجالب الهموم وبواعث الأحزان في هذه الحياة كثيرة متعدِّدة ومتنوعة وتصيب كل أحد من الأنام، فلا يسلم منها عظيم لعظمه ولا غني لماله ولا ذو جاه لجاهه، فضلا عن البائس المحروم والضعيف المظلوم.

ولكن المؤمن الحق هو الذي يستيقن أنَّ ما ألَمَّ به من نازلة أو فاجأه من فاجعة إنما وقعت بقضاء من الله وقدرقال تعالى ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾.

وقد يكون البلاء جدًبا ووباءً وقحطًا وغلاءً وزلزالًا وخسفًا ورجفًا وخوفًا (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)،
ومن فهم الحكمة من وراء الابتلاء تغيرت حياته واستقامت أموره ورجع إلى ربه وتاب وأناب وعاد وأحسن العلاقة مع خالقه.

فالغاية من أخذ العباد بالبأساء والضراء أن يضرعوا إلى الله.

  • إن العباد قد يغفلون في أوقات الرخاء عن هذه العبادة الجليلة، لكن لا ينبغي أن يغفلوا عنها في أوقات البلاء والمحنة، ولو أنهم غفلوا في الحالين لعرضوا أنفسهم لعقوبة الله ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

فيا من تكالبت عليه الغموم والهموم وضاقت عليه الأرض بما رحبت أين أنت من سؤال الله وأين أنت من سؤال الله ورجائه ؟!
يامن أثقلته الذنوب والمعاصي أين أنت من غافر الذنب وقابل التوب؟!
يامن غشيه الخوف والهلع تطلع الى السماء فعند الله الفرج .

أحسن الكلام في الشكوى واسأل الله زوال البلوى؟!

و يا احبتي
استدفعوا البلاء بالتضرع والدعاء فليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء ولا يرد القدر إلا الدعاء.

(لا إله إلا الله العليم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش الكريم).

اللهم ارحمنا ووفقنا للدعاﺀ والتضرع اليك بدموعنا وانكسارنا، وفقرنا وذلنا بين يديك.

اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء، والفتن والمحن والمصائب،
عنا وعن المسلمين اجمعين ياحي ياقيوم برحمتك نستغيث.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!