حوارات

نوح الألفي.. روك أند رول.. ثلاثة عشر | بدايات انطلقت بها ميرنا المهدي

حوار: كنوز وليد

كانت بدايتها بسيطة كأي روائي، كانت مُولعة بالقراءة من صغرها، حتى كبرت و كبر عشقها للقراءة حتى تشكلت لنا الكاتبة “ميرنا المهدي” و التي سنأخذ معها جولة بسيطة حول حياتها المهنية.

وراء كل كاتب قصة أوصلته لاحتراف الكتابة ما هي قصتك الخاصة؟

قصتي – وكباقي الروائيين بالطبع – أنني كنتُ مولعة بالقراءة منذ الصغر فحين كان البعض يجيد الرسم أو الغناء أو احتراف رياضة ما، كنتُ أحب أن أقص الحكايات على أقاربي وزملائي بالفصل، فاستشعرت والدتي موهبة القص والتأليف بي وبدأت تشجعني على ذلك وتغدق على بالكتب والروايات خاصة سلسلة روايات (هاري بوتر) التي سقتني والدتي ولعها بها وكنا نشتري كل إصدار جديد من سلسلة (ج. ك. رولينج) الأشهر وندخل أفلامها معاً، كانت (رولينج) برواياتها هي أهم نقط التواصل بيني وبين أمي، لذا، كنتُ أود أن أصير روائية مثلها وأن تصبح لدى تلك القدرة على جذب القراء لعالمي القصصي حيث ينسون روتينهم اليومي وما يلاقوه من توتر وضغط بالحياة.

هل واجهت أي صعوبات في بداية مشوارك في الكتابة؛ سواء من الأسرة او المجتمع؟

لم أكن أواجه أية مشاكل من جانب أسرتي، بل أنا مدينة لهم بجليل الفضل والامتنان فوالدتي وشقيقتي (مايا) كانتا خير دعم لي فيطلعون على المسودات الأولى من كل رواياتي ويناقشنني بها لتعديلها أو إثقالها، ولكن كانت العقبة الأكبر هي القولبة الاجتماعية، فقد بدأتُ سعيي لنشر روايتي الأولى (تحقيقات نوح الألفي) حين كنتُ بالثامنة عشر من عمري ولم تكن دور النشر تأخذني على محمل الجد لصغر سني، وحتى حين نضجتُ أكثر كان الظن الأول أن الإناث لا يكتبن سوى الكتب الرومانسية أو الاجتماعية وأن فئات التشويق والجريمة هي فئات أدبية تخص الروائيين من الذكور فحسب لذا أخذتُ على عاتقي مهمة إثبات عكس ذلك.

كيف كانت رحلتك مع كتابة ونشر رواياتك؟

كانت رحلة ممتعة بكل أقطابها.

بالطبع كان من المؤلم أن تبدأ بالكثير من الرفض من شتى دور النشر بمصر دون أن أمنح حتى فرصة أن يتم الاطلاع على عملي أو تقييمه تسويقياً، ولكني كنت أذكر نفسي دائماً بأن رواية (هاري بوتر وحجر الفيلسوف) نفسها قد رفضت من قبل أثنى عشر ناشراً وها هي الآن من أنجح وأشهر الروايات التي جعلت من مؤلفتها مليونيرة.

رحلة النشر هي رحلة شاقة وتحتاج الكثير من المثابرة والصبر واليقين بموهبتك والتشبث بحلمك وألا يثبط عزيمتك أي رفض من أي نوع، هذا بخلاف رحلة الكتابة نفسها والتي أشبه ما يكون بنحت تمثلاً، أنت تتخيل تفاصيلها كلها وتخلقها من خيالك الخصب حتى تبدأ أن تشكلها بأناملك وبعد الكثير من الممارسة والوقت، ترى ثمرة بنات أفكارك حية أمامك وكأنك وضعت رضيعك، هكذا أشعر صوب كتبي، أنهم أولادي الذي ولدتهم.

هل هناك كتب معينة ألهمتك أكثر من غيرها؟

كانت روايات (جورج سيمنون) و(أجاثا كريستي) من أكثر الروايات الملهمة بالنسبة لي خاصة وأنني أكتب بفئة الجريمة البوليسية.

بالطبع أتعلم شيء من كل كاتب أقرأ له، فعلى سبيل المثال أنا أتعمل فن التشخيص من الكاتبة التركية (إليف شافاك) وأتعلم سلاسة السرد وبناء الجو المشهدي من (ج. ك. رولينج) وهكذا، كل كاتب قرأت له أسقاني شيئاً من علمه.

هل الكتابة هدف أم وسيلة؟ 

كلاهما.

الكتابة هي وسيلة للتعبير عن ذاتك وإيصال حكاية ما لقرائك، وهي إيضاً هدف، فعلى سبيل أنا أجاهد لتحسين جودة كتابتي واشترك بمواقع تعليم الكتابة الاحترافية وشراء الكتب التي تهدف لإثقال حرفة الكتابة عندي بهدف أن أكتب روايات يستسيغها القراء ويجدون بها متعة وجودة لغوية وبنائية.

هل الموهبة وحدها تكفي ليكون الكاتب قادر على صياغة نص جيد؟

بالطبع لا.

الموهبة مطلوبة بلا شك، ولكن لا يمكن الاستناد عليها وحدها. يستحيل أن تجد كاتباً يكتفي بموهبته الربانية في التأليف ثم تجدينه يطور من نفسه، سيظل يدور بالدوائر نفسها دون تطوير أو تحسين وسيبقى عند المستوى الأدبي نفسه.

أن الكتابة عضلة، تحتاج لتمرين مستمر، هذا التمرين يكون عن طريق ممارسة الكتابة نفسها بشكل مستمر دون الانقطاع عنها مطولاً، وكذلك قراءة الكثير والكثير من الروايات وتأمل بنيتها وسرديتها ومشهديتها …إلخ، وأخيراً – ومن رأيي أن هذه أهم خطوة – قراءة كتب تعليمية عن حرفة الكتابة نفسها فلهذا جليل الأثر في تحسين كتابتك وتطويرها.

من الكُتاب الذين تأثرت بهم في بداية مشوارك؟

بالطبع وكأي كاتب جريمة تأثرتُ كثيراً بـ(أجاثا كريستي) الذي كان من النادر بحقبتها أن تكتبن النساء في فئة البوليسي والتشويق وقد اعتادت والدتي أن تقرأ رواياتها أثناء حملها بي فأظن أن حبي لها كان شيئاً قدرياً.

كذلك كنا ندرس روايات الروائي البلجيكي (جورج سيمنون) بالمدرسة منذ المرحلة الابتدائية وكنتُ شديدة الولع بدقة حبكاته وسلاسة سرده فكنتُ أحلم دائماً أن أؤلف روايات بوليسية في قوة قصصه.

الأدب البوليسي الفرنسي بشكل عام كان يستهويني كثيراً وكتاب مثل (موريس لوبلان) و(غيوم ميسو) و(جورج سيمنون) قد حملوا راية الأدب البوليسي ومهدوا الطريق لمن تبعهم من كتاب الفئة نفسها.

ما هي أحب اعمالك اليك؟

(تحقيقات نوح الألفي) هي أقرب الروايات لقلبي لأنها كانت فرحتي الأولى وأول عمل أتشاركه مع القراء والذي كان صداه جيداً وتلقيتُ بفضله الكثير من التشجيع والدعم لاستكمال سلسلته والغوص في المزيد من القصص بعالم (نوح الألفي).

أيهما أكثر قدره على التعبير والتواصل مع القارئ الرواية أم القصة القصيرة؟

من الصعب تحديد ذلك فكلاهما لونان مختلفان من الأدب ومن يشتهي ذلك قد لا يشتهي ذاك، فأنا شخصياً أفضل الروايات عن القصص القصيرة لأنها تعطيني مساحة من الوقت للغوص في تفاصيل الشخصية والتوصل لمشاعرها وإمضاء الوقت معها والتواصل معها إلا أن القصة القصيرة قد تحقق هذا إيضاً ولكن في وقت أقصر والأمر يعتمد كل الاعتماد على الكاتب.

قد يكتب روائياً كتاباً من مئات الصفحات ولكنه لم يحقق التواصل المطلوب مع القارئ لركاكة كتابته، وقد يقوم آخراً بكتابة قصة قصيرة من بضعة أسطر يصل من خلالها لذروة تعاطف القارئ مع شخصياته.

ما هي أهم المعوقات التي يصطدم بها الكُتاب الشباب؟ 

التسرع.

نحن بعصر السرعة وجميعنا يود الوصول لمبتغاه بأسرع وقت، وعليه، أكبر معوقات الكاتب هي نفسه المتسرعة، فقد يعتقد أنه كتب أعظم رواية بالتاريخ ويسارع عرضها على دور النشر بلا تمهل لمراجعتها أو حتى إثقال موهبته، فيلاقي الرفض فيتقهقر ويتوقف عن الكتابة كلياً.

من رأيي الذي قد يجده البعض سفسطائياً، ولكني أؤمن بأن أكبر عدو للكاتب هو نفسه، فإما تكون نفسه شديدة الانهزامية فلا تتشبث بحلمها بما يكفي وتستسلم أمام أول رفض، وأما يكون نرجسي يظن أن أعماله ستحدث طفرة ما فيحرم نفسه بسبب فرط الغرور والزهو من التعلم والتطور وتحسين موهبته فتصبح روايته مجرد عمل آخر يضاف لآلاف الكتب المطبوعة سنوياً دون أن يكترث لها أحداً أو تترك لدى قارئه أي تأثير لذا، على الكتاب جميعاً بالاعتدال والاتزان النفسي والفكري.

ما موقفك من النقد في الوسط الثقافي؟ 

علينا بالتفريق بين النقد والرأي.

فأي قارئ له حق أن يعبر عن رأيه تجاه ما كتبته سواء سلباً أم إيجاباً ولكن النقد له دارسيه وأساتذته.

النقد البناء النابع من معرفة وعلم وخبرة هو أمر مفيد لأي كاتب، فعلى من يود أن يحسن من إنتاجه الأدبي الإنصات جيداً لكافة الآراء المحايدة وأن يجعل من النقد سلمة يرتقيها للوصول لأعمال أفضل، أما الآراء الهدامة التي تسعي للبلبلة أو النقد من أجل النقد دون جدوى أو القائمة على السخرية أو الإهانة والشخصنة، فلا يفيد أبداً الالتفات إليها بأي شكل كان حتى لا يختلج سلامك الداخلي.

وهل تتقبل النقد؟

بكل تأكيد، فعدم تقبل النقد هو بداية السقوط، ما من عمل كامل وما من شيء يجمع عليه الجميع.

دائماً ما أبحث عن النقد وأخذ منه ما ينفعني ويفيدني بأعمالي القادمة.

 إحكيلنا تجربتك مع سلسلة بوابات الجحيم وكيف تأقلم كل من الكُتاب مع الفكرة؟ 

كانت تجربة شيقة فالعمل مع دار ن للنشر والتوزيع هو من أريح الأعمال إلى قلبي، كما أن كل الكتاب بالسلسلة هم أخوة وزملاء أفاضل بالإضافة إلى الصداقة الشديدة التي تجمعني بالكاتبين (محمد عصمت) و(باسم الخشن) اللذين يدعمانني دائماً.

(محمد عصمت) هو صاحب الفكرة وخالق الشخصيات الأربعة الأساسية الذين يشتركون بكافة أجزاء السلسلة وقد قام أستاذ (حسام حسين) أبينا الروحي ومؤسس الدار بانتقاء الكتاب الست المشاركين بالسلسلة ودعمنا مسئول النشر والتوزيع أستاذ (طارق وافي) حتى تخرج أعمالنا للنور.

فكرة الكتابة الجماعية هي شيء نادر بعالم الروايات بالوطن العربي ولكنه كان ممتع لأكثر حد أن نتبادل الآراء ونشارك بالعصف الذهني لإخراج أفضل صورة ممكنة من العمل للقارئ.

 هل يوجد أي حفلات توقيع جديدة لحضرتك في أي محافظة؟ 

حفلات التوقيع هي أكثر حدث اترقبه ولكن بسبب وباء الكورونا المستجد لم أحبذ إقامة أية حفلات توقيع حفاظاً على سلامة القراء وسلامتي ولكنني أتمنى أن تنزاح تلك الغمة في أقرب فرصة حتى أشارك قرائي صدور الرواية الجديدة وأن ألقاهم مجدداً.

 هل حضرتك هتنزلي عمل جديد في معرض ٢٠٢١ بعد مشاركتك في سلسلة بوابات الجحيم؟

من المنتظر صدور روايتي الجديدة خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي من المفترض إقامته بالثلاثين من يونيو 2021، وستقوم دار ن للنشر والتوزيع بالإعلان عن اسم الرواية وغلافها قبل المعرض بأيام إذا لم تحدث أية تغييرات أخرى في ميعاده.

تلك الرواية المنتظرة هي قريبة لقلبي لأنها تطلبت ثلاثة سنوات من البحث الدؤوب ومقابلات الأطباء النفسيين لاستشارتهم في محتواها وتفاصيلها لما تتضمنه من أمراض نفسية سيتم مناقشتها بالقصة، وكذلك لأنها كانت نوراً انبثق بعد عامين كاملين أصبت فيهما بعقدة الكاتب ولم أكن قادرة على تأليف أية روايات جديدة.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *