ابداعات

عقلي فقد عقله

مودة محمد مصطفى

الأفكار، الخواطر، الأحلام والهواجس كلها أشياء تواجه العقل، العقل الذي هو بؤرة التفكير العميق ومخزن الذكريات والأفكار التي لم تصل للسان بعد؛ فالعقل يعمل بدون توقف.

ننشغل بأمور الدنيا ونجهل حقيقه حتمية أو أحيانًا يقصد الإنسان تجنب تلك الحقائق فهي دائمًا ما تؤلم.. قد يلجأ البعض إلى الانعزال والتأمل والتّفكر في خلق الله وهذا هو النوع الأول كما كان يفعل رسولنا الكريم “عليه أفضل الصلاة والسلام” وهو نوع نرجو وبشدة أن يكون ولو جزءً بسيطًا من عقول جميع البشر؛ لأن إعمال العقل إلى الاتجاه الذي يجعله يفكر بشكل صحيح يزيده تعلُقًا بالله_ جل وعلا_ نخلق في هذه الحالة عقلًا واعيًا، خلوق، قادر على التحكم بنفسه وبالأفكار التي يفكر بها.

وهناك نوعٌ آخر وهو النوع الشيطاني أو كما يقال فهو النوع “السام” ذلك الذي يستغل نِعم الله استغلالًا مسيئًا، عجبًا لك يا ابن آدم تستعمل النعمة التي أنعم الله بها عليك في معصيته، فتبدأ سلسلة من الأفكار التي ينحرف بها الإنسان عن مساره ونادرًا ما يعود إليه إلا من رحم ربي.. فيقوم هذا العقل بعمل خطط شنعاء إما إجرامية أو انتحارية.. إلخ

فينتج عن ذلك مجتمع مُتزعزع وفرد مجهول المصير..
وهناك أنواع أُخرى بالطبع ولكن سأُطيل الحديث في هذا النوع بعض الشيء، وهذا النوع تحديدًا ما يطلق عليه لقب ” المُفكر” ولنسرد لك قصة المُفكر.

هذا النوع من البشر يمكن أن يكون محدودًا، ويمكن أن يكون عددًا كثيرًا، بل إنه يمكن أن يكون جميع البشر يقومون بهذا النوع من التفكير.. لما لا ونحن لدينا عقل!!
وقد ينقسم هذا النوع إلى أنواع شتى قد لا تكفي الأسطر والصفحات لاحتوائهم، ولكن سنحاول أن نختصر قليلًا.. العقل يفكر في كل ما يُرَى، يُسمَع.. يستجمع كل المعلومات من حواسه الخارجية ويقوم بتكوين صورة كاريكاتورية عن الأمور من حوله لاسيما الغامضة منها، يتخيل أحيانًا حلول للمشكلات ولكن يتضح بعدها أنها حلول زائفة؛ فالتفكير أسهل بكثير من الفعل.

وقد يجاهد نفسه لتغيير الواقع من حوله للأفضل أو لِما يعتبره الأفضل من وجهة نظره ولكن للأسف لا يقدر على تغييره دفعة واحدة؛ فالواقع أقوى منه ومن أفكاره فيشعر بعدها بالاختناق لا منفذ للهواء فماذا يفعل؟ يتجه لتغيير الواقع ولكن هذه المرة ليس بعقله ولكن داخل عقله! فذلك العقل الباطني فقط هو القادر على استيعاب الكم الهائل من التغييرات عن الواقع الذي نعيشه، مسكين.. لم يدرك أن الواقع هو ما نغيره بأنفسنا فقط إن أمعنّا التفكير قليلًا.

فيعيش في دوامة من الخيالات والأحلام الزائفة إلى أن يستيقظ في يومٍ على الصدمة الموجعة وقد مرّ عمره وهو غارق في تخيلاته وأحلامه.

وهناك نوعٌ آخر ذلك الذي يحلم بالتغيير للأفضل ولكنه لا يسعى لذلك ولا يحاول حتى.. يقول في يومٍ ما سوف أقوم بكذا وكذا، و أعمل على هذا و ذاك.
ولكن قف هنا لدقيقة من الزمن.. هل سعيت لثانية واحدة في تكوين تلك اللحظة التي لطالما حلمت بها أم أنك فقط تستمتع بتخيلها تتحقق ولكن في عالمٍ آخر.. وهذا النوع نادرًا ما يستوعب أنه مازال نائمًا.

نوعٌ آخر وهو القلق المضطرب من كل شيء وأي شيء، بالرغم من اجتهاده عن باقي الأنواع إلا أنه يخشى الفشل، يضع الخطط ويخشى نسيان خطوة فينهار كل شيء، يخاف من حدوث خلل بسيط يُطيح بشهور من العمل الجاد.. هذا النوع يستنفد وقته في التفكير في المشكلة التي لم تحدث بعد عِوضًا عن التفكير في حل مُسبقٍ لها.

كل هذه الأمثال يمكن أن تكون بيننا كل يوم ولا نلاحظها حتى أننا يمكن أن نكون منهم ولا نشعر بذلك فالأفكار تتسرب إلى العقل بخفة وتعلق به يقلبها يمينًا ويسارًا.. وإن نطق اللسان وقتها أو كتبت الأيدي لألفت كتابًا.. وسيظل موضوع العقل مبهمًا ومليء بالأسرار طالما يخفي الإنسان ما بعقله دائمًا، فلن يعرف ما يدور في ذهنه إلا الله.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!