همسه

فلا تحزن على ما فات

_دقت الساعة الحادية عشر مُنتصف الليل، يعمُّ الهدوء، وصوت الرياح يخترق أذنيها، البرد القارس يحيط بها من كل النواحي، أحضرَتْ الأقلام، الحبر، بعض الأوراق، جلسَتْ علي الأريكة وأخذَتْ تتأمل الثلوج المتساقطة من الشُرفة، فسقطت دموعها، ثم اعتدَلَتْ في جلستها، أمسكت القلم، رشفَتْ رشفة من القهوة.

_فتحَتْ دفتر مذكراتها؛ لتبدأ في الكتابة، لفت انتباهها صفحات الشهور الماضية، التي تحوي معظم آلامها: أصعب ما يمر على الفرد هو الكَلل والملل من ذاته، محاولة إقناع ذاته بأنه بخير، برغم إدركه أنه في أسوء حالاته، فيحاول أن يُخفف عن ما بداخله بالبكاء تَارة، يحدِّث نفسه ببعض الكلمات المُهدئة تارة أخرى، إلى أن يأتي في نهاية الأمر ويصرخ بأعلى صوت فيتحول قلبه لقطعة من الجمر، فتخرج شظاياها علي هيئة دموع، فيأتي شخص ما؛ ليسأل عن ما بداخله، برغم أن الكلمات تمزق قلبه، فكان لوهلة سيلفظ بها لكنه تراجع؛ لعلمه أن لا أحد يشعر …لا أحد سيشعر!”
ورأت أيضًا بعض الصفحات التي تحوي على الكلمات المُحفزة: “سنكون كما نريد ولو بعد حين، كل شئ سيمضي يوما ما”!

توترت قليلًا حينما حلت الساعة الحادية عشر وخمسة وأربعون دقيقة قائلة: ها ستدق الساعة الثانية عشر منتصف الليل، سيزيد عمري عامًا جديدًا! حدثَتْ نفسها قائلة:
-عن ماذا، ماذا سأكتب، لقد مرَّت أمامي أحداث، مزقت قلبي حزنًا، بل كان مذاقها مُرٌّ يفوق مذاق علاجي اليومي!

-يا الله، لقد قررت أن أفعل الكثير، الكثير، لكن “سأظل مؤمنة بأننا قد نخطط ولكن وحدك من تقرر”
ثم ذعرت فجأة حينما دقت الساعة، تعلن الثانية عشر منتصف الليل، سيبدأ عامٌ جديد….حقا سيبدأ عامٌ جديد!.

_ثم حدثَتْ نفسها مرة أخرى:
أرجوكِ لا ترتدي نظارات البؤس تِلك، لا تنظري إلي المستقبل نظرة سوداوية، انظري له بعين التفاؤل والأمل، أنتِ تعرفين أننا ما زلنا نمر بصعوبات، مِحنة لم نعرف إلي متى سنبقي على هذا الحال، لكن لا بأس سيأتي حتمًا يومًا ما، وسنتذكر ما حلَّ بِنا بالضحكات فرحًا علي ما فات!
“ومن يدرى بما هو آت، فلا تحزن علي ما فات”!.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!