ابداعات

السعادة غاية ينشدها الجميع

نيرة ياسر

كان دائمًا ما يثيرني سؤال دائم: لم نحن نبحث عن السعادة بأمور زائلة فتزول معها السعادة؟ ولم البعض منا يجد مصدرها الأموال؟ تعددت مصادر السعادة من حولنا، وكل مصدر نابع من داخلنا ومن اختيارنا وقرارنا، فكنت أسأل دائمًا كل من حولي أين يجد سعادته، فمنهم من قال بجوار من نحب، ومنهم من قال برضا الله، ومنهم من قال بالعيش بدون تعب، ومنهم من قال بالهدوء وراحة القلب، ومنهم من قال بتحقيق أحلامي.

فبالنظر إلى كل هذه الآراء نجد أن كلًا منا يعرف سعادته في أي مكان ويحاول إيجادها فهي اختياره وقراره، فبالسعي إلى ما هو مصدر سعاده لكل أحد منا نجد أنه قرار نابع من داخلنا واختيار نسعى لتحقيقه، ولكن كان يوجد القليل من الآراء التي كان ردهم لا نعرف، فهؤلاء سعادتهم حظ وقدر يتركونها للظروف تأتي كما أرادها الله..فلا يمكننا تحديد بالفعل إذا ما كانت قدر وحظ أم أختيار أم قرار، ولكن بالنظر إلى معنى السعادة في اتجاهات مختلف نجد أنها…

السعادة في علم النفس: أنها الشعور بالسرور والرضا عن حياتك، وهو شعور يتكرر نتيجة المشاعر وانفعالات سارة، لذلك يمكن القول إن السعادة في علم النفس تحددت حسب طبيعة كل فرد وحياته ورأيه وكيفية تعامله مع الظروف المحيطه به.

أما السعادة في الفلسفة: لا تمتلك مفهومًا واحدًا، ولا يمكن اعتبارها كوصفة سحرية كما أنها كانت بمثابة اللغز والفكرة التي سيطرت على فلاسفة العصور القديمة ومن بين هؤلاء الفلاسفة ورأيهم عن مفهوم ووصف السعادة.

الفيلسوف الألماني «فريدريك نيشته» الذي يرى السعادة هي المقاومة والإرادة حينما يقاوم الناس من أجل أسترجاع إرادتهم يتولد لديهم الشعور بالسعادة، ومن أقواله عن السعادة «السعادة هي الشعور بأن قوتك تزداد».

الفيلسوف اليوناني «أرسطو» الذى كان أحد تلامذة “الفيلسوف أفلاطون” من أقواله عن السعادة «السعادة تعتمد علينا نحن».
وإذا نظرنا لآراء أخرى من الفلاسفة نجد اختلافها في تفسيرهم للسعادة، ووصفها أيضًا، فمنهم من يقول إنها قدر، ومنهم من يرى أنه اختيار منا، وتعتمد علينا.

أما السعادة في اللغة العربية: فهي الفرج والابتهاج وكل ما يجعل النفس في بهجة وسعادة. السعادة هي طمأنة للقلوب، وتعمل على إراحة البال، وتشرح الصدر.

أما عن السعادة في الإسلام: تعرف بأنها شعور داخلي للإنسان يشعر فيه بالسكينة وطمأنينة القلب وراحة باله، وذلك نتيجة لسلوكه المستقيم، سواء الظاهر، أو الباطن، وتقربه من الله عز وجل.

فكما نعرف دائمًا بأن الإسلام بما فيه من مبادئ تريح النفس وترضي القلب وتتسبب في السعادة.. فقد جاء للحفاظ على أشياء كثيرة، منها النفس، وراحتها، وسعادتها، فنجده عاملًا أساسيًا من عوامل السعادة.
وينظر للسعادة من منظورين وهما: سعادة دنيوية: أي تحقيق السعادة للإنسان في حياته الأولى، وبما فيها من عسر ويسر وأمور متقلبة، إلا أن الإسلام يكون سببًا أساسيًا من أسباب السعادة.

السعادة في الآخرة: وهي التي يطلق عليها بالسعادة الدائمة والخالدة والتي تترتب على أعمالنا في حياتنا الأولى في الدنيا، وهي مسعانا، فهي سعادتنا الدائمة إذا اتبعنا مبادئ الإسلام الصحيحة.

وهناك بعض الآيات الدالة على السعادة بأنها الطمأنينة والسكون وراحة البال وهي: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً».
«وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ».
الرضا وهو أعلى شعور بالسعادة أن تكون راضيًا عن حياتك وعن نفسك، ومن هذه الآية الدالة على ذلك قوله تعالى:
«وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ» فقول الله هنا «ترضى» ولم يقل «لتسعد»؛ لأن السعادة تنبع من الرضا والاكتفاء.

ولأن السعادة أمر شاغل البال والتفكير كثيرًا تكلم كثيرًا من المعروفين حولنا عنها وأبدوا رأيهم.. الذي قد نتفق أو نختلف معه.

فقال خبير التنمية البشرية الدكتور الراحل «إبراهيم الفقي» إنه لايوجد إنسان تعيس، ولكن السبب في الحزن أو التعاسة هو: الأفكار، أفكار تسبب الشعور بالتعاسة، أفكار تحمل طاقة سلبية وتشاؤم.
ويقول: إن البعض يظن النجاح سببًا للسعادة، ولكن النجاح هو نتيجة للسعادة، ويتابع قائلًا إن البعض يظن أن السعادة في الشهرة، ولكن العديد من المشاهير قد انتحروا نتيجة اليأس، وعدم الشعور بالسعادة مثل «ألفيس بريسلي» والمغنية «داليدا» وغيرهما من المشاهير.
فنرى أنه يرى السعادة من داخلنا ومن قرارة واختيار أنفسنا.

حسنًا وجدنا أنه لا يمكن اتخاذ قرارثابت بأن السعادة قدرًا، أم حظًا، أم اختيار.. ولكن يوجد العديد حولنا يقولون:

«السعادة لو كانت اختيار لحصل عليها جميع البشر، ولو كانت بالمال لأصبح كل الأغنياء سعداء، وبالتالي هي ليست اختيارًا..
ولكن هل نحن مخيرون أم مسيرون؟ فالإنسان مخير؛ لأننا لو لم نكن كذلك ما كان الله ليحاسبنا على أعمالنا.

ولكن البعض يرى أن الإنسان مسير، أي أن الله يعلم منذ بداية الكون والوجود كل شيء عن حياتنا وقدرنا حتى نهاية حياتنا.

فحقًا هو يعلمها مسبقًا حيث إنه العالم، ولكن لا يختارها لنا ولا يتحكم فيها، بل يضع أمامنا الاختيارات طوال الحياة، وبالتالي يحاسبنا في النهاية.
مع الأخذ في الاعتبار اختلاف اختيار كل منا.

تعددت أسباب السعادة وتعددت وجهات النظر، ولكن الأغلب يرى أنها اختيار ومن قرارة أنفسنا.. فلماذا ننتظر.. لتكن قرارنا واختيارنا دائمًا فنرضى ونشعر بالراحة ولا ننسى رضا الله.

وبالرغم من الاختلاف، إلا أن الجميع متفق على أن السعادة ليست بالكم، ولا بالكيف، ولا بالمكان ولا محددة بزمن، إلا أنها تكون بمن حولنا، فيكونون مصدر راحتنا وسعادتنا.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!