همسه

“أليس” في بلاد العجائب بين الواقع والخيال

شريف جلال القصاص

“أليس” في بلاد العجائب هي رواية كتبها الإنجليزي “تشارلز دودسون” سنة 1865، تحت اسم مستعار “لويس كارول” وهي تحكي عن الفتاة أليس التى سقطت من خلال جحر أرنب إلى عالم خيالي تسكنها مخلوقات غريبة.

تحول إلى فيلم رسوم متحركة من إنتاج والت ديزني عام 1951، ثم تحول إلى فيلم مغامرات عام 2010 بنفس الاسم، وأخيرًا في 2016 بعنوان أليس عبر المرآة.

الكثير يظن أن أليس مجرد رواية خيالية ممتعة، وعالم عجيب تمنينا في طفولتنا أن نعيشه، بل نسج كل منا في بلاد العجائب قصته الخاصة، شربنا مرة ما يقلص أحجامنا، حتى نركب على جناحي عصفور الطائر الأطنان، ونحلق به بعيدًا نرى قمم الجبال الشاهقة، والسحب وهي توزع قطرات الثلج البيضاء لترسم على صفحة الأرض لوحة تجسد الجمال السرمدي.

نتناول قطعة من الكعك، حتى نصبح مثل شجرةً إستوائيةً عملاقة، نلهو ونقفز ونحن نتسابق فنقطع الصحاري والبحار.

قد يكون عالم أليس ساحرًا لكن هل تعلم أن “أليس في بلاد العجائب” هي أيضًا مرض يحمل نفس الاسم؟

نعم مرض! وهو واحد من 700 مرض نادر يؤثر على 7% من سكان العالم.

يعاني مريض أليس في بلاد العجائب من هلوسة سمعية وبصرية يبدو له كل شيء مشوش، الأحجام مشوشة، الطريق مشوش يطول فيكون مد البصر، وقد يقصر حتى تكاد تقطعه في خطوات، الوقت لمن يعاني هذا المرض -الذي يملك حس الكوميديا السود- كأنما فقد صوابه، الساعات تمر في غمضة عين واللحظات تمر دهرًا.

مرض أو متلازمة أليس في بلاد العجائب قد يبدوا أسطوريًا لكنه يظل مرض، وليس على صاحبه حرج، لكن كثير من الناس من أختار لنفسه أن يكون “أليس” بمحض إرادته.

يعاني من تشويه الأحجام مع سبق الإصرار.. يجعل من الحبة قبة، ومن القبة حبة، هو ليس ساحر أو لاعب خفه، وإنما محتال لكنه يخدع نفسه حين يقلص عيوبه وأخطاءه لتصبح مثل الذر ثم يطوح بعصاه السوداء السخيفة، ليرى ذلات الآخرين كالجبال.

يرى ذاته في شجاعة صلاح الدين ابن ابي طالب إبن شداد، وفي كرم وسخاء الملوك والأنبياء، وفي نقاء وصفاء السحاب، بينما كل الناس في عينه حاذ كل النقص واستوعب كل الدنايا.

تظهر عليه أعراض التشويش الإدراكي، المسافات عنده مختلة، يرى من ينافقه أقرب إليه من الذي ينصحه، يرى أقصر طريق بين نقطتين ليس الخط المستقيم، بل الخطوط الملتوية والدائرية، قضاء حوائجة يطلبها من الناس وليس من الذي أقرب إليه من حبل الوريد”سبحانه”.

تنتابه نوبات تشويش وهلوسة في الزمن والوقت، يمضي في الراحة والدعة كل وقته دون أن يشعر، ينحر ساعات عمره قربانًا للهو غير البريء، يسرف في إنفاق وقته بالساعات الطوال في غير مافائدة تذكر وكأنها لحظات، وتراه يبخل بالدقائق، والتي تمر عليه دهرًا حين تكون في تحصيل علم أو اكتساب ثقافة، يستثقل الساعات بل الثوان في عمل أو عبادة.

إلى كل “أليس” وإخوانها وأخواتها أترك الأحلام ودع بلاد العجائب التي صنعتها لنفسك، استيقظ وعش الواقع، وانظر لنفسك في مرآة مستوية ليست مقعرة ولا محدبة، لتبصر مزايا وعيوب ذاتك ودعك من الحكم على غيرك.

اقترب ممن يقربك من حلمك وهدفك ويختصر لك زمن وصولك لخط الفوز ويساعدك في أكمل طريقك، ودعك من الأبعد الذي يهوي بك الي قاع الفشل.

تغلب على خلل شعورك بالوقت بمعرفة المآل، عندها سيمر وقت الكفاح والعمل مهما كان مرًا مثل الشهد، ولاتستسلم لشعور وقت يمر سريعًا في لذة؛ فأنما هو سم في عسل ومرض يحتاج دواء.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *