قصص

ظلم مجرم| الفصل السادس والأخير

بعد مرور أسبوعين تلقى اتصال به نتيجة الطب الشرعي:

–    مرحبًا

  • -مرحبًا أيها الضابط، وجدنا على مكنسة واحدة من الثلاثة آثار دماء، ووفقًا لنتائج تحليل الحمض النووي تبين أنه مطابق لدم سالي كمال الدين.

كانت صدمته من الفرحة لم تكن متوقعة، ذهب وأخبر رئيسه بالنتائج، لكن الرئيس كان له رأي آخر:

–  أيها الرئيس، ماذا تقول؟ هل تريدني أن أقبض على الشاب مرة أخرى؟

– الرئيس: هل تريد أن تثير حفيظة الرأي العام أكثر من ذلك، إن إعلان أنه بريء، سوف ينتقد الإعلام الشرطة مرة أخرى.

–    لماذا؟ لقد وجدنا ما يثبت براءته، حتى أن دم القتيلة على المكنسة الكهربائية.

–    هل تعتقد أن الإعلام سيكتبون الخبر بهذا الشكل؟ وأردف قائلًا: كنا مخطئين والشرطة كانت مُحقة هل تعتقد أنهم سيكتبون الخبر هكذا، لن تقدم أي مصادر إعلامية تجاه الشاب وتنشر الحقيقة أبداً، الإعلام لن يقف بجانبنا، والرأي العام لن يتغير، سيستمر الناس في انتقادك ويسبونك، وينتقدون عملك في كل قضية بعد ذلك.

لذا عليك أن تلقي القبض عليه مرة أخرى وعلينا أن نقف بجانبه ليحصل على محامي حتى تتم تبرئته من القضية على أي حال، بعدها سيتم إطلاق سراحه، وينتقد الناس القاضي ويكف الناس عن ملاحقتك، سيقولون إن الشرطة فعلت ما بوسعها.

ترك الرئيس وظل يفكر بكلامه الأخير: لماذا تتطوع لتتلقى كل اللوم، قُمْ باتهامه فحسب، أبعد يدك عن الأمر مرة واحدة وستكون للأبد.  

ذهب إليه الرئيس مرة أخرى بعدما أعطاه وقتًا للتفكير وقال له: فكرت في كلامي، هل تتهمه؟

–    لا، لن أتهم بريء أبدًا.

–    الرئيس: أنت لم تسمع كلامي دومًا، تلقى ما تريد إذاً من الإعلام

على الجانب الآخر، في قناة الحقيقة الإعلامية، هناك مراسلة تحاول تغطية حقيقة مقتل سالي بعدما وصلت الأخبار للإعلام بشأن المكنسة الكهربائية، اعترض رئيسها على كتابتها للحقيقة الكاملة:

–    تحدثي فقط عن أنه تمت تبرئته.

–    وماذا عن المكنسة الآلية؟ يجب أن نخبر الناس بما فعلته الشرطة لعدم انتقادهم.

–    لماذا؟ هل ذلك مهم؟ اختصري في الكلام وحسب.

–    لكن الناس سيستمرون في معاملة الشاب على أنه القاتل الحقيقي.

–    ماذا تريدين أن نفعل؟ هل علينا أن ننشر للناس أننا مخطئون والشرطة قامت بالفعل الصحيح، عملنا هو انتقاد ما تقوم به الشرطة، سيكون من المُحرج انتقاد كلامنا وسيتم تشتيت الناس ولن يسمع لنا أحد.

–    علينا قول الحقيقة فحسب أن نغير كلامنا، إنها حياة شاب ومستقبله هو وعائلته، كيف علينا تجاهل الحقيقة؟

–  تجاهليها وحسب.

–    هذا أفضل من التعامل بإحراج.

–    أيها القائد؟

–    هناك قانون الحركة في صناعة الأخبار، إذا ابتعدنا بالدوران عن الخط المستقيم، كيف سيفكر بنا الناس، إذا غيرنا من اتجاهنا، لا أحد سيثق بنا.

–    إذا كان هناك خطأ علينا تصحيحه أيها القائد، من سيرغب بمشاهدة الأخبار التي تُصر على قول الخطأ من الحقيقة.

تركته المراسلة لكنها تنوي على إظهار الحقيقة للناس بأي شكل كان؛ للتهدئة من ثورة الغضب التي تجتاح الرأي العام، فجاءت لها الفكرة في عمل حوار مع الشاب لإثبات براءته أمام الناس مع عرض الأدلة، وبالفعل أقنعت الشاب للحضور لعمل الحوار ليتم تبرئته وكان الحوار:

–    قل ما تريد أن تقوله فحسب، لن أَمْلَى عليك الأسئلة.

–    ظل ينظر للكاميرا ولا يعرف ماذا يقول، نظرات الفرحة الممزوجة بالحزن والظلم على وجهه، ظل مُتَحَامِلاً على نفسه حتى انفجر في البكاء وردد كثيرا وهو يبكي: أنا لم أقتلها، أنا لم أقتل أبدًا، لم أقتل سالي.

وظل يبكي ولم يجد ما يقوله، لكن الصحفية كان تولت الأمر بدلًا منه بعد انهياره وأعلنت:

منذ أن تم الاشتباه بالشاب في قضية سالي كمال الدين وتم القبض عليه، لقد كان هدفاً لغضب الكثيرين مما أصبحت قضية رأى عام، وسوف نعرض لكم قرار الشرطة في براءة الشاب، إن المكنسة الكهربائية هي الأداة التي تسببت بنقش النجمة الخماسية في مسرح الجريمة،   وأعلنت الشرطة أن الضحية سالي كانت تعاني من نوبات قلبية تُسبب لها الدوار يمكن أن يصل لحالة إغماء، حيث ارتطمت رأسها بالطاولة بقوة أسفر ذلك عن وفاتها، والنيابة العامة قررت الإفراج عن الشاب وتبرئته وتم إغلاق القضية، كنا نرغب بتصحيح تقاريرنا لننقل لكم الحقيقة الكاملة، ونعتذر بصدق للشاب والمشاهدين.

انتهت القضية على ذلك وتمت تبرئة المتهم من القضية، لكن الشاب ذهب ليشكر الضابط على ما فعله  ودار الحديث بينهم:

–  الشاب: أشكرك يا صديقي على ما فعلته لأجلي.

–  الضابط: إنه عملي.

–    الشاب: في الحقيقة، بعدما تعرضت له أنا وأسرتي، فكرت بقتل الناس جميعًا.

–    بدت علامات الدهشة على الضابط.

–    ضحك الشاب وقال: كنت منذ مدة لست في حالتي الطبيعية، لم أعرف لماذا كنت أفكر في ذلك.

–    الضابط: سعيد بأنك عدت إلى رشدك.

–    الشاب: سرك بأمان معى يا صديقي، لذا لا تقدم استقالتك من الشرطة.

–    الضابط: أعتقد أن الحياة بعد الآن ستأخذ مجرى جديد ومختلف.

–    الشاب: اعتذر منك يا صديقي.

–    الضابط: لماذا؟

–    الشاب: لأني حاولت ابتزازك بالسر لإخراجي من القضية.

–    الضابط: لكنك لم تفعل شيء حقًا ولم تقتلها.

–    الشاب: حاولت ابتزازك بالسر؛ لأني أعلم مدى أهمية عملك بالشرطة وأنك تُحبه كثيرًا، حاولت الضغط عليك بهذا السر لكي تُبرّئني.

حاول الضابط استرجاع ما حدث بعد خروج الشاب من القضية لعدم كفاية الأدلة، وأنه ذهب إليه عندما علم أن صديقه يعمل على قضيته:

–  الشاب: حاول أن تبرئني من القضية، أنا لم أقتلها حقًا.

– الضابط: وكيف يمكن إثبات ذلك، عليك إخباري بالحقيقة وسوف أقف بجانبك مهما حدث.

–    الشاب: لا، أنت لم تصدقني حقًا، أنا لم أقتلها، أُقسم لك أنني لم أقتلها.

–    الضابط: سأفعل ما بوسعي، وأُعين لك محامي لمساعدتك.

– الشاب بكل غضب: أفعل ما تريده، لكن إذا لم يتم تبرئتي من القضية سوف أُفْشِي سر عمى الألوان الذي لديك وتنفصل من عملك الذي تحبه.

– الضابط بكل توتر: لا تقلق يا صديقي سوف أجد الحل، لكن عليك الصبر.

قطع عليه الشاب غيابه عنه واسترجع الحوار الذي دار بينهم وقال له:

– بماذا تفكر؟

– ضحك الضابط وقال: لا شيء، نخبك يا صديقي.

انتهى الحوار بينهم وفي طريق عودة الضابط لمنزله شاردًا بما مر به، وقف أمام النيل لعل نسيم الرياح يُنسيه مرارة فقده لسالي، تذكر ماذا فعل بها واسترجع بذاكرته منذ عام مضى عندما حدثت قضية الرأي العام لقتل ابن رجل الأعمال الشهير سالم أبو الحسن على يد شاب طائش في حفل كبير، وتم الحكم على القاتل بالإعدام.

حاولت سالي ابتزازه بهذه القضية التي قام بتلفيقها للشاب الذي تم إعدامه لأن القاتل الحقيقي ابن سيف الدين المالكي رجل الأعمال الشهير المُرشح لرئاسة الجمهورية، لم يكن على الضابط سوى السكوت ومحاولة تلفيق الجريمة لأي شخص.

حاولت سالي صديقة الضابط المُقربة ابتزازه بعدما حصلت وكالتها الإعلامية على هذه المعلومات من مصادر سرية وحاولت فضحه، وما زاد الضغط عليه أكثر صديقه الذي ابتزه بعمى الألوان، لم يكن عليه سوى التخلص من سالي حتى يُدفن السر للأبد، فجاءت له الفكرة بزرع جهاز صغير في منزلها يُخرج ذبذبات تُضعف من عضلة القلب مع مرور الوقت وتسبب الوفاة، استغل يومًا في زيارته لها ووجد المكنسة بالمُصادفة وزرع بها الجهاز بشكل خفي عندما ذهبت لمضايقته.

تذكر كل ما فعله كأنه حُلم لم يستيقظ منه بعد فقده لسالي صديقته المُقربة، شعر بحزن كبير اجتاحه لمرارة فقده لصديقته المُقربة.

في سيارة سوداء يجلس شخص مجهول كان يتتبع الضابط بعد خروجه من المقهى بعد مقابلة الشاب واستغل فرصة جلوسه منفردًا، وأطلق عليه طلقات نارية متتابعة، سقط بعدها الضابط قتيلًا يلفظ أنفاسه الأخيرة.

وقال المجهول: أخذت بثأرك يا بنيتي، ارتاحِ بمرقدك.

النهاية.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!