خواطر

عن العشق والهوى

✍️ وسام طلعت

لماذا من بين آلافِ الوجوه التي تعبُرنا لا نسقطُ إلا في حبَّ الوجْه الذي لا نملكُ رؤيته إلا بشقِّ الأنفُس؟ لماذا من بين كلّ الأكتافِ المُلاصقة لنَا لا يسقطُ رأسُنا إلا على الكتفِ الذي بينَنا وبينهُ مسَافة الأرضِ والعادات والمُجتمع؟

يُكتَب علينا الشوق وكأنه من متلازمات الحياة، فما دمت حيًا لابد أن تغزوك جائحة منه، وفي أقوالٍ عدة أنّ البعيد عن العين بعيد عن القلب.
فوالله ما سكن الفؤاد إلا كل ما هو بعيد عن مرمى النظر، فلا شك في أن الجملة تحوي خطًأ فادحًا، ربما يقُدَم الخبر على المبتدأ في بعض حالاتٍ استثنائية، وأما عن القلب؟ فهو ذاك الذي لا يُؤخر مهما كانت الأسباب؛ لتكون الجملة بأنَ البعيدَ عن القلب بعيدٌ عن العين، والقريب من القلب تراه في كل الأماكن.

ويكفيك شخصٌ واحد في ذاكرة الروح طيفه يساوي كل العابرين أمامك، ووجوده يمحي كل الغائبين، ذاك الذي قيل عنه السكن، دونه يصبح الوطن غربة، وما أقساها تلك من غربةٍ! بأن تكونَ غريبًا بين حنايا الأهل.

يقولون بأن الحياة لا تقف على غياب أحدهم أو حضوره، وعلى نقيضه يقولون بأن الغائبَ لابد له من حُجج، لم تكن تلك الأقوال قطعًا بالصحيحة؛ فمن حدثته نفسه بالأولى لم يملك ذاك الشخص الذي تقف عليه الحياة، وأما الثاني قد حدثه قلبه بأن الغياب الغير مُبرر لابد له من أسباب تُبرره، وفي الحالتين ما سلوى القلب إلا أن يطمئن أيَّا كانت الوسيلة.

حين يُحب أحدهم يتساءل عن أسباب هذا الحب، ولمَ قد أوقعه الهوى في حب هذا الشخص؟ حين تجده يبرر ويشرح الأسباب اعلم أنه لم يكن قط مُحبًا، إنما هو فقط راغب، وتنتهي الرغبة بانتهاء الأسباب. أما العاشق حين تسأله عن علته، ينظر لك بعين الريب، وتكون جُل إجابته بأن الحب هو ذاته العله.

كمثل البشر ليسوا بسواسية، هي المشاعر لم تكن قط بالمشابهة، ذاك الذي يشعر بالحب يختلف حبه عن آخر يكمن بداخله ذات المشاعر، بداخل كلُ منا مشاعر منها الصريح ومنها المبهم، وفي كل حالاتها هي مختلفة عند كل البشر.

” نقل فؤادك حيث شئت من الهوى، ما الحب إلا للحبيب الأولِ”
الحبُ لا يُكرر، والمُحب لا يُستَبدل، وعاشقُ اثنين ما هو إلا هاوٍ في بحر من الظلمات، فالهوى لم يَخطُر بقاموسه، وما للقلب إلا دقةٌ واحدة بعدها تتساوى كل الدقات

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!