أحمد القرملاوي اسم ذو بصمة قوية في عالم الأدب في حوار خاص مع مجلة هافن

حوار خاص لمجلة هافن مع الكاتب أحمد القرملاوي

✍️ كنوز وليد

كاتب عبقري ذات قلم مبدع، نشأ في حي مصر الجديدة ليكتب لنا أقيم وأعظم الروايات التي نالت محبة الكثير.
واليوم لقاءنا مع الكاتب “القرملاوي”.

مجموعة كتابات القرملاوي

في البداية حدثنا عن نشأتك (محل الولادة، مشوارك الدراسي)؟


ولِدت في حي مصر الجديدة في مدينة القاهرة، سنة 1978.
والتحقتُ بمدرسة “سانت فاتيما” في مرحلة رياض الأطفال، لكن سرعان ما سافر أبي للعمل في دولة الكويت، فقضيت هناك باقي سنوات التعليم المدرسي، متنقلًا بين المدرسة الانجليزية الحديثة والمدرسة الأمريكية الدولية، حتى عدت إلى القاهرة لإتمام تعليمي الجامعي في كلية الهندسة بالجامعة الأمريكية.
ثم حصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هاريوت وات في اسكتلندا.

وراء كل كاتب قصة أوصلته لاحتراف الكتابة ما هي قصتك الخاصة؟


لا أعتبر نفسي كاتبًا محترفًا إلى الآن، فلا زلت أعمل في مجال الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي.
أما قصتي مع النشر فبدأت حين أقنعني الكاتب والروائي “محمد صادق” – وهو بالمناسبة ابن خالي الوحيد – بالإقدام على هذه الخطوة التي كنتُ أتهيَّبها في البداية، وعرَّفني على الصديق هاني عبدالله مؤسس دار الرواق للنشر، وتعاونت معه على نشر أول مجموعة قصصية أكتبها بعنوان “أول عباس”.

بمن تأثرت بكتابته ولِمن تقرأ؟


تأثرت بالكثيرين، فأظن أن جميع الكتب التي قرأتها وأحببتها تركت أثرًا ما بداخل أحمد القرملاوي ، حتى لو لم ألحظه في حينه.
مع ذلك فإني أعتبر نجيب محفوظ صاحب التأثير الأكبر، لكثرة ما قرأت من أعماله في سن مبكرة شهدَت تكوُّن وجداني ومعرفتي بالحياة وكذلك لشدة تأثري بأفكاره وفلسفته.
أما بخصوص من أقرأ أعمالهم، فإنني أحاول طوال الوقت أن أوسِّع دائرة اطلاعي، فلا أسمع عن نص مميز إلا وأسعى لاقتنائه والاطلاع عليه.

هل تعتقد أن الصحافة تندرج تحت مسمى الهواية أم الموهبة أم هي خلاف ذلك؟


لست صحفيًّا حتى أجيب هذا السؤال عن تجربة ومعرفة عميقة، وإن كنت أعتقد أن الصحافة فن وممارسة.
وكل فن ينطوي على موهبة ما وحِسٍّ خاص واستعداد فطري لممارسته، ثم يترقّي عن طريق الخبرة والممارسة، وهكذا حال الصحافة.

هل واجهت أي صعوبات في بداية مشوارك في الكتابة، سواء من الأسرة أو المجتمع؟


واجهتني بعض الصعوبات في ترتيب الأولويات، وفي إقناع المحيطين بأهمية ما أقوم به بالنسبة إليّ.
فقد كانت عائلتي على سبيل المثال ترى أنني مهندس ناجح وأن الكتابة لابد ستشغلني عما يعِدُ به مستقبلي المهني.
غير أن ذلك لم يشكل عقبة حقيقية، فسرعان ما كتب عني الراحل العظيم علاء الديب مقالة في جريدة الأهرام اليومية،
كانت كفيلةً بإقناع الجميع بأني أمتلك موهبة حقيقية تستحق ما أبذله لأجل صقلها وتطويرها.

كيف كانت رحلتك مع كتابة ونشر رواياتك؟


بعد نشر مجموعتي القصصية الأولى، سعيتُ لأن أنشر أولى رواياتي عبر إحدى دور النشر الكبرى،
وكانت الدار المصرية اللبنانية أحد الأسماء اللامعة التي استهدفتُها، فاستفسرت عن طريقة التقدم بالأعمال وقمت بإرسال المطلوب عبر الإيميل.
واحتجتُ لأن أنتظر سبعة أشهر كاملة حتى أتلقى ردَّهم بالموافقة،
لكن الأمر كان يستحق الانتظار، حيث تلقيت ردًّا أثلج صدري وعزز من تقييمي لموهبتي ومن آمالي في الكتابة الإبداعية.

هل هناك كتب معينة ألهمتك أكثر من غيرها؟


شكَّل بعض الكتّاب مصادر الإلهام الأهم بالنسبة لي، خاصة على مستوى الأسلوب، بتنوع تقنياتهم وأساليبهم السردية،
منهم –بخلاف نجيب محفوظ– ماركيز وفوكنر وشتاينبك والطيب صالح وإبراهيم الكوني و”مو يان”.
لذا أعتبر كتبهم في المجمل مصدر إلهام أساسيًّا.

هل الكتابة هدف أم وسيلة؟


وسيلة لأي شيء؟.
الكتابة شكل من أشكال الإبداع، والإبداع يُطلَب لذاته ولا يترتَّب عليه ما هو أكثر أهمية منه،
حين أُنجز نصًّا أشعر بلذة ونشوة لا يُكافئها شيء، قد تصل بي لحد البكاء من فرط التأثر،
فكل ما يتبع ذلك من ثمار الكتابة رزق ومصدر إضافي للسعادة، لكن أبدًا لا يمثل شيئًا يُذكَر بالمقارنة بالنشوة الأصلية التي يُحدِثها الإبداع، ذلك في نظر أحمد القرملاوي

هل الموهبة وحدها تكفي ليكون الكاتب قادر على صياغة نص جيد؟


القدرة على الصياغة لا تُنتج إبداعًا.
قد تُنتج في أحسن الأحوال سردًا متماسكًا وكتابة يُمكن قراءتها بسلاسة وراحة،
مع ذلك فحتى القدرة على الصياغة تحتاج لتعلُّم وخبرة بجانب الموهبة، فالمعرفة اللغوية والأسلوبية شرط أساسي للصياغة الجيدة.
ولا تأتي هذه المعرفة إلا عبر التعلُّم والقراءة والممارسة.

ما هي أحب أعمالك إليك؟


هذا سؤال صعب للغاية، فكل تجربة منحَتني نشوتها الخاصة التي لا تتكرر،
لذا لا يمكنني أن أغفل هذه اللحظات الرائعة بعد مرور بعض الوقت. أما ما أستطيع قوله بثقة تامة، فهو أن الكتابة الإبداعية أقرب لقلبي من أي نوع آخر من الكتابة، مثل كتابة المقالات أو الدراسات النقدية.

أيهما أكثر قدرة على التعبير والتواصل مع القارئ الرواية أم القصة القصيرة؟


لا يمكن التعميم بشأن القدرة على التعبير، إذ أنها ترتبط بموهبة الكاتب أكثر من النوع الأدبي.
أما بخصوص التواصل مع القارئ، فقد لاحظتُ أن أغلب قراء الأدب يرتبطون بالروايات بدرجة أكبر من القصص القصيرة،
ربما لكونهم يعيشون معها زمنًا أطول يسمح بالمزيد من التماهي مع عالم النص وشخصياته.

ما هي أهم المعوقات التي يصطدم بها الكُتاب الشباب؟


ربما نسمع الكثير عن المعوقات،
وإن كنت أعتقد أن ما شهدَته السنوات الأخيرة من اتساع غير مسبوق لسوق النشر وفي السبل المتاحة لعرض النصوص والتواصل مع القراء، يُخبر بأن المعوِّق الأكبر هو الكاتب نفسه؛ أن يفتقد الصبر على التعلُّم والرغبة في تطوير أدواته، وأن يُعرِض عن الإنصات للنقد الموضوعي وأخذه مأخذ الجد.
لو امتلك الكاتب الموهبة وتجاوز معوقاته الشخصية، فلا أظن أن شيئًا سيقف أمامه.

ما موقف أحمد القرملاوي من النقد في الوسط الثقافي؟


أحترم النقد بشدة، وأتمنى أن يحتل حيزًا أكبر من وجدان القراء، فأنا من محبي النقد الأدبي والفني،
وكان طموحي الأساسي أن أصبح ناقدًا أدبيًّا وسينمائيًّا قبل أن أكتشف في نفسي القدرة على الكتابة الإبداعية.
مع ذلك أرى قصورًا في هذا المجال وألمس تعاليًا نسبيًّا على التعاطي مع القاعدة العريضة من الجمهور، بلغة يسهل فهمها والاستفادة منها، بعيدة عن التناول الأكاديمي الجاف وعن الإسهاب في استخدام المصطلحات غير المألوفة.

وهل تتقبل النقد؟


أتقبل النقد بصدر رحب، طالما كان مبنيًّا على قراءة كاملة وموضوعية للنص.
أما الهجوم من منطلق الخلاف الأيديولوجي أو عدم الرغبة في استكمال القراءة من الأساس، فلا أعول عليه كثيرًا.

كيف تساعد الشباب في إظهار مواهبهم؟


أحاول المساعدة بما أمتلك، فأقرأ ما يسمح به الوقت من النصوص التي تُرسل إليّ، وأبدي ملاحظاتي الخاصة بعناصر الكتابة المختلفة استنادًا لذائقتي وحسّي الإبداعي.
وأنصح بالكثير والكثير من القراءة والمحاولة،
وبقراءة بعض الكتب التي تساهم في تطوير الوعي بأدوات وتقنيات الكتابة الإبداعية، وبالصبر قبل كل شيء.
ويبقى العنصر الأهم هو القدرة على تلقّي المساعدة، فالمنح أسهل من التلقّي، ولن يستفيد من نصائحي –لو جاز لي النصح– إلا أولئك الذين يمنحون آذانهم لمن سبقوهم في التجربة دون تعالٍ على التعلُّم ولا أوهام زائفة.

هل ستشارك بعمل جديد في معرض ٢٠٢١ بعد رواية “ورثة آل الشيخ”؟


قد أشارك بمجموعة قصصية جديدة، فقد مرت سنوات طويلة ركزت خلالها على نشر الروايات، وأظن أن الأوان قد حان للعودة لنشر القصص القصيرة.

باعتبارك أستاذ “أحمد القرملاوي” من أهم كُتاب الوطن العربي كيف تستطيع الاهتمام بالقراء؟


السؤال يفترض ما ليس فيّ، فأمامي الكثير من العمل بإخلاص واجتهاد حتى أؤمِّن لنفسي مقعدًا بين الكتاب العرب الكبار.
لكن لغرض الإجابة على السؤال، أرى أن الاهتمام بالقرّاء واجب وضرورة فنية،
فالقارئ بوصلتي التي أحدد بها طبيعة الأثر الذي أستطيع تركه عبر رحلة الكتابة.
ولا أرى لنفسي موضعًا بين الكتاب المتعالين على ذائقة القراء وأفهامهم، بل إنني أضع متعة القارئ ومدَّ حبل التواصل الفكري والإنساني معه كهدف رئيسي لمشروعي الإبداعي.

التقيت وحاورت العديد من الشخصيات في الفكر والأدب والفن، حدثنا عن هذا؟


أسعدني الحظ بلقاء العديد من الأساتذة الكبار الذين تعلَّمت منهم الكثير ولا أزال، منهم أستاذي محمد المخزنجي، الذي لطالما التقيتُه عبر مجموعاته القصصية الآسرة.
ثم كافأني القدر بتقاطع طريقي معه ذات يوم، فتشبَّثتُ بالفرصة وصرنا صديقين.
حدث أمر مماثل مع أستاذي عادل عصمت، فلا أفوِّت بضعة أسابيع إلا وأتواصل معه وأسعى للقائه والاستزادة من خبراته.
كما التقيتُ بأساتذتي إبراهيم عبد المجيد وأحمد الشهاوي وعزت القمحاوي وإبراهيم فرغلي، والناشر الكبير محمد رشاد وغيرهم كثيرين.
كما تقاطعَت بي السبل مع عدد من الأصدقاء والزملاء أعتبرهم بمثابة أساتذة لي في الكثير من مناحي الإبداع،
منهم حسن كمال وطارق إمام وأسامة علام ومحمود عبد الشكور وإيهاب الملاح وأحمد عبد المجيد وعلاء فرغلي ومصطفى عبيد، وما لا حصر له من الكتّاب عبر كتبهم وإبداعاتهم التي تعكس جوهرهم على نحو دقيق.
الحقيقة أن الكتابة منحَتني الكثير، وكذلك أسئلتكِ الذكية الملهِمة، لذا أشكركِ.

وفي النهاية أشكرك جزيل الشكر “أستاذ أحمد القرملاوي” على هذا اللقاء الرائع، كان لي الشرف في ذلك.