ابداعات

على جناح سراب

✍️ رانيا صلاح خليل

مادُمنا لانملك في أيدينا اليقين، لانملك شيئًا، لايمكننا السعادة ولا البكاء ولاحتى الضجر، فلازلنا نعيش على جناح سراب.ة، لانملك الشجاعة الكافية لنفصح عما نكمن بداخل أحشائنا، كأنه جرح غائر يتسع ويتسع؛ حتى يبتلعنا تمامًا “الجبناء يموتون مرات عديدة قبل موتهم، والشجعان لايذوقون الموت إلا مرة واحدة” نيلسون مانديلا.

الصمت قاتل، الخوف مهلك، العمر يمضي هكذا ويترك المقيدين داخل سجون أنفسهم ضحايا عجزهم، يحترقون كليًا، يذوبون كجبال الثلج وتنهار ولاتبقى “أكثر الجدالات عنفًا هي التي تدور حول أمور ليس لها أدلة جيدة تثبتها أو تنفيها” بيرتراند راسل.

ذات ليلة قمرية يسطع فيها كل شيء بفضل الظلام فليس إلا شمعة تحترق ليبدو كل مابجانبه مضيء وبرغم ذلك يُذم الظلام هكذا يُعامل من يضحي فيتحمل عناء السير والخذلان في آن واحد، ثقيل جدًا ذاك الشعور حقًا كشيء يثير الحفيظة” الانسحاب من حياة بعض الأشخاص، لا يعني الاستسلام، بل غالبًا يعني أنك صمدت طويلًا من أجل شيء لا يستحق “ألبير كامو”.

مرت بجانبي فتاة صغيرة كقطعة من الألماس كأنها سقطت للتو، يُخفي سطوعها بعض الأتربة والشوائب ذات بسمة ناصعة تفصح عن قلب كزهرة الأقحوان، ربما تجاهد لكي تبسم ثغرها ولكن كل ماعدا ذلك حقيقي وجميل جدًا، فكيف لذاك القلب أن يتألم ويشقى يومًا؟ فما الذي استحل تلك البراءة؟ هل غابت الرحمة؟ أم كل قلب ينبعث منه النور يُقسم البشر على إطفائه؟.

اقتربت منها وهمست بصوت رقيق “لم أرَ فراشتي تبتسم عنوة من قبل هكذا “فأجابت” ليتني لم أركض هكذا بلا توقف فقد خُذلت بلا شفقة” ارتجفت يد الفراشة وهي تتنهد بعينين تائهتين ووجه شاحب ورغبة في البوح، فطرحت سؤالًا آخر لعلها تلقي على شيئًا مما تحمل بداخل قلبها الرقيق “لما يبدو الأمر هكذا وكأنها نهاية العمر، فمازلتي صغيرة لتنكسري وتقعي وتتعافين وتنهضين وتشرق شمس روحك من جديد.

“أجابت “مشوشة للحد الذي يبقيني في منتصف الطريق لا أجد جوابًا ولاشفاءً فاليوم دفنت روحي مع خيبتي وانطلقت هكذا بلاشيء بداخلي خواء تام.

“فقاطعتها” لماذا تُبقي نفسك في المنتصف تبني أحلامًا أو انكساراتًا بلا يقين اذهبِ واحصلِ على أجوبة كافية لكل مايجول بداخلك واحصلي على هدنة لتلك الحروب بداخلك، فربما يكون اليقين كافيًا لكي نعرف الحقيقة، ربما ننكسر، ربما يبدو الأمر أقل تعقيدًا بل ربما نُشفى وتتبدل ظنوننا وتشوشنا.

فردت “بداخلي خوف يمنعني من التحرك شيء مايهمس بداخلي الرغبة في الصمت خشية الخذلان جال بخاطري قول،”لأننا نتقن الصمت حملونا وزر النوايا “غادة السمان”، فالبوح راحة أبدية فخاب من بنى حياته ورغباته على محمل ظنونه كالطير الذي يبني عشًا فوق غصن مائل، إذا تعثرت فلا تهرب، وواجه خوفك بيدك، وإذا أحببت فلا تنغمس بداخلك هكذا كالغارق في بحر السراب، إما اليقين أو الركض بعيدًا، “لاشيء يعمل حتى تقوم به” مايا انجلو.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by HAVEN Magazine
error: Content is protected !!