ابداعات

برائحة التبغ

تلبدت السماء بالغيوم، تسابقت القطرات لتتساقط وتحتضن الأرض بلهفة عشاق.. وأنا أشهد كل ذلك خلف زجاج نافذتي أتساءل أيمكن أن تجمعنا صدفة بإحدى أركان البنية المعبقة بالدفء ونحن نحتمي من كل تلك الأشواق⁦؟ لم تترك لي أحدًا أسأله سوى الحزن، تُرى لو كان الحُزن يتحدث ماذا سيُخبرني؟

لربما أخبرني بأني كنت خير مسكنٍ له، وأحسنت إغلاق نوافذ جفوني حتى لا يلحظه أحد من العابرين، ضحكاتي التي كنت أشدو بها، أحبَّها حقًا بل عشقها لأنها غطت على أنَّاته، لأخبرني بكونه ضيف ثقيلًا علي وأني لا استحق تلك الإقامة، لوعدني بأنه سيكون بوباتي الأخيرة قبل أن أخطو لحياتي التي أحلم، ولكَم سيسعده قول أنك ستفتقدني ولكني لن أفعل.

لو كان الحزن يتحدث نيابة عني لأخبرك: بأنه على الرغم من ضخامة أجنحتي إلا أنني احتجت ليدٍ تشعرني الأمان مثلما تفعل أجنحتى للعابرين بالحياة.. مثلما فعلت معك.

لأخبرك: بأني لم أكن يومًا بتلك القوة وأني للآن لازلت أشعر بالبرد وأنا الشعلة التي لم تنطفأ يومًا.

لو كان الحزن أمامك يقف بمقربة من عينيك لصفعك لمَ تركت بي من أثر غائر لا يزول، لصرخ بك بأني وللأسف لازلت أحتاج إليك مثلما يحتاج القمر لضي الشمس، مثلما تفعل النجوم لتائه بليل الصحراء ليهتدى، بأنه وعلى الرغم من كل ما حدث إلا أني لا أستطيع نكران شعوري تجاهك، ولا أقبل بوصفه حبًا؛ فكل الناس تحب، ولو حقًا خُلق لآدم حواء من ضلع؛ فأنت الضلع الذي خلقت أنا منه.

لو كان الحزن يتحدث لأفشى لكَ سري بأني ولأول مرة بتُّ أكره الشتاء.. فصلي المحبب لقلبي بتُّ أمقته منذ أن انتهينا، منذ أن تساقطت أحلامي مع السيل؛ في أن تغمر يداي الضئيلتين بقبضتيك، في أن تسكن ارتجافة قلبي أمام عاصفة حبك.

ولأخبرتُك أنا بأني بتُّ أكرهه أكثر وأمقته لأني لن أستطيع أبدًا أن أشعل ذلك السقيع الذي خلَّفه بُعدك، ولأنه ومع كل زئيرٍ للسماء، ومع كل برق يتلألأ أمام عيني أدرك أن وجودك كان مثله، ظننت لوهلة أنك ستنير ليالي ولكنك اختفيت واخترت أن تنيره ببُعدك.

ودعني أنا من أخبرك على الرغم من كل ذرة كرامة تدفعني بأن لا أخبرك بأن نار حبك تحرقني تمامًا مثلما تفعل شفتاكَ بسجائرك، ولكني لم أمانع؛ ظننت أنك ستدمنني مثلها، علَّ إدمانك يقتصر يومًا علي وحدي، عشقتك بأنانية مطلقة تليق بي، ولم ولن تليق سوى لك.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *