ابداعات

أحجية الصادق والكاذب والطريق الصحيح

شريف جلال القصاص

-عمو سكار عمو سكار حذر فزر؟

-أنا لا بحزر ولا بفزر

-عمو اسكار مش أنا هبقى ملك على أرض العزة.

-يافرحتي!

-عمو اسكار لما أبقى ملك أنت هتبقى إيه؟

-هبقى طيشة (كمالة عدد).

كنت أشاهد ذلك المشهد من فيلم الأسد الملك، مستمتعًا بالأداء الصوتي العبقري للفنان “عبدالرحمن أبو زهرة” ثم تذكرت تلك الفزورة التي ألقاها علينا مدرس الرياضيات ونحن في المرحلة الثانوية متحديًا من يستطيع أن يحلها.
“لو أنك على مفترق طريقين، يمين ويسار ولا تدري أيهما الصحيح، ولم يكن ثمة من تسأله غير شقيقين يعيشان في بيت واحد، أحدهما صادقًا أبدًا والثاني لا يعرف غير الكذب، ما السؤال الأوحد الذي تطرحه على أحدهما أيًا كان حتى تعرف طريقك”؟
بقيت يومًا كامل أفكر حتى وصلت لحلها.

الأحجيات والألغاز تتميز بأنها ذات محددات ثابتة وقواعد صارمة، خاصة إذا كانت لفظية، ففي أحجية الطريق تلك، لا خروج عن القواعد وليس هناك غير إجابة واحدة.

فلا مجال أن نفترض أن الطريق الصحيح جهة اليمين مثلًا، ولا يمكنك أن تستنتج بفراستك من ملامح الشقيقان أيهما صادق فهما توءمان، لكنك رغم ذلك مع التفكير الإبداعي ستحصل حتمًا على الإجابة.

في عالم الألغاز:
الطريق الصحيح اختيار طفولي ساذج بين طريقين، يمين أو يسار، أبيض أو أسود، خير أو شر… بينما في الحياة عليك أن تختار طريقك من بين آلاف الطرق المتشابكة والمتشابهة، ولسان حالك حين تقف أمامها تغتالك الحيرة { إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا }.

في عالم الفوازير:
صفات الناس ثابتة لا تداخل فيها فهي (أحمر، أزرق، أصفر) باعتبارهم الألوان الأصلية، بينما عالم الناس ألوانهم غير حقيقية وإنما نتجت من مزج الألوان ببعضها، ومن ثم فالصدق حالة وليست بالضرورة صفة لشخص، والكذب كذلك الذي هو قول أو فعل مخالف للحقيقة.

لن تجد الصادق دائمًا -دونما أن يكذب ولو بالخطأ- والذي تثق في كلامه ورأيه وأنت مغمض العينين، ولن تجد الكاذب المحض -من غير احتِمال أن يصدق ولو مرة واحدة بدافع مصلحته- والذي إن تخالف كلامه تصل للحقيقة.

ألغاز الحياة، وأحجيات الواقع، وفوازير هذا العالم لا تحتاج لمجرد تفكير أو لعب بالألفاظ، وإنما تحتاج أن تحاول وتجرب وتسقط ألف مرة قبل أن تصل، فإن لم تصل يكفيك شرف المحاولة.

لمن يريد معرفة حل اللغز، اسأل أي من الشقيقين السؤال التالي
(لو أني سألت شقيقك عن الطريق الصحيح، ففي أي اتجاه سيخبرني)؟
وفي كل الأحوال سر في عكس ما أخبرك به، ستصل إلى الطريق الصحيح.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
جميع الحقوق محفوظة لـ مجلة هافن HAVEN Magazine
Powered by HAVEN Magazine
error: Content is protected !!