ابداعات

حُب من الرشفة الأولىٰ

عنان فايد

عندما التقيت به للمرة الأولى، أردت احتساء القهوة معه، كنت أشعر باحتياج تام لرفقته لساعتين فقط، كان يمتلك قدرة هائلة على سرقتي من نفسي، أشعر وأنا معه أن ليس في الكون سوانا، النظر في عينيه، الشعور بدفء حديثه، والانتماء لقليل من روايات حياته وهو يضع في حديثه نحن بدل من أنا، لم يكن يملك مواصفاتي المعيارية للرجل الذي أتمناه، ولكني شعرت بانجذاب لاختلافه، خلقت وقتها قاعدة “أن المختلفين هم من يستحقون فرصة اللقاء في هذه الحياة النمطية”، وقتها أذبت الحدود بإعطائه الفرصة بدلًا من الحياة.
كان يعلم عشقي له، صمت للحظات ثم ابتسم وقال؟
قهوتك مظبوط، صح؟ =آه… تسمحيلي؟

وكأن قلبي قد فاز فأعلن انتصاره بابتسامة قبول، ذهب ليحضر القهوة وأنا داخل صندوق حيرتي، لازلت أشعر أني في الكون وحدي، حتى وهو غائب يتملكني طيفه، دقات قلبي يزداد نبضها بالخوف والحيرة، حتى أنني شعرت أن الجميع لو كانوا حولي لاستمعوا لها معي، بين شعور تملكني أن أهرب، وبين لذة خافتة تخبرني أن أنتظر القهوة معه، أعتقد أنها ستكون ألذ مرة أتذوق فيها القهوة إن انتظرت.

قاطع أفكاري بيديه وهو يلوح لي من بعيد وهو آتٍ يحمل القهوة، ليجعلني أتساءل: كيف له أن يكون بهذه الجاذبية ليخطف قلبي رغم ثِقْله؟ ليته يعلم أن عَيْنَيهُ هما خمرُ الدنيا الحلال وقد سكرتُ حد الثمالة، لأني لن أخبره.
_كنتِ سرحانة في إيه؟ أنا أكيد.

ضحك بصوت مرتفع فضاقت عيناه التي بلون الليل ولمعة النجوم، جميلة هي ضحكته، وابتسامته، ولكنها لن تغريني على الإجابة بنعم حتى وإن كانت حقيقة.
=أكيد لا.
_تعرفي إنك بيبان عليكى الكدب جِدًّا، عارف إنك كنتِ بتفكري فيا.

ابتسمت له، أظن أنه عرف من لمعة عينيَّ أمامه، كانت تنطق بالاشتياق، والحب الذي يُجمع بالتردد والخوف، بين أشتاق لكَ فلا تذهب، وبين ابتعد عني أخشى الخذلان فقد اكتفيت منه.
تتجوزيني؟ =إيه! زي ماسمعتِ.
إللي هو؟ =هقولهالك تاني، تتجوزيني؟ ا. . .
=مستغربة ولا رافضة!
مش فاهمة، إزاي؟! =إزاى عايز أتجوزك، ولا إزاي حبيتك؟ حبتني! وده أول مرة تشوفني وأشوفك.
=هتفضلي تستغربي كده كتير، ثم إن شوية وهجيبك من آخر الجامعة انتِ بتبعدى ليه، مش هأكلك.
لازم يكون في حدود بنا.

=أنا هكسر كل الحدود، وهتجوزك بمزاجك غصب عنك، هتجوزك ومش هتكوني غير ليا. هي عافية؟!
بوجه مقتضب نطقت جملتي الأخيرة، الأحداث تسير أسرع مما توقعت أسرع من أن يتوقع أحد، كل ما كنت أريده هو القهوة معه، الآن يقول زواج؟
-لا حُب، بحبك وعايز أتجوزك، أنا عريس لقطة مترفضش على فكرة.

ابتسمت لدعابته، وفي عقلي صوت خافت يقول: “مغرور بقا، وهيترسم عليا عشان فنجان قهوة”.

=لو لفيتِ الدنيا كلها، مش هتلاقي حد يحبك قدي، بحبك من قبل حتى ما تعرفي بوجودي، من وقت ما كنتِ حلم بعيد بالنسبالي، من قبل حتى ما تعرفي عملت أي عشان أكون واقف قدامك معاكِ نشرب قهوتنا سوا.
_عملت أي؟
=مش مهم، المهم إني مش مصدق لحد حالًا إني معاكِ.

وفي الخلفية صوت كاريوكي بيقول: “عشانك أنا قادر أكمل، عشانك قادر أتحمل وفي كل مرة بشوفك، بحبك تاني من الأول”.

اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات اطلب برنامج ويبو للمدارس والجامعات
error: Content is protected !!